والديناميت فإن جامع كتشاوة قد اعتدوا عليه بتحويله إلى كاتيدرالية للديانة الكاثوليكية وبمباركة الحكومة والبابوية معا. وقد قاوم المسلمون الباقون في مدينة الجزائر هذا الاعتداء على الحرمات الدينية التي نص اتفاق ١٨٣٠ على عدم المساس بها، ولكنهم تعرضوا للقتل والضرب في الجامع نفسه. ولا سبيل لوصف ما حدث في هذا الجامع من تغيير وتبديل بأيدي الحكام الرسميين ورجال الدين، لأن غرضنا كما قلنا هو ذكر مصائر البنايات الدينية فقط وبعض أحوالها في عهد الاحتلال.
أول إشارة إلى جامع كتشاوة ترجع إلى سنة ١٠٢١ (١٦١٢). ثم جرى توسيعه وتجميله على يد الداي حسن سنة ١٢٠٩ (١٧٩٤)، وهو الداي الذي فتحت وهران في عهده، كما سبق. وكان من الباشوات الأقوياء. وقال ديفوكس إنه اتخذ جامع السيدة نموذجا له عند توسيع وتجميل جامع كتشاوة. وقد خلد البناة عملية التوسيع بكتابات ولكن الفرنسيين جردوه منها، ووضعوها في متحف، سنة ١٨٥٥، ويذهب ديفوكس إلى: ان السلطات الفرنسية قد (أعطته) إلى الديانة الكاثوليكية بعد سنوات قليلة من الاحتلال، ويضيف أنه قد هدم تماما شيئا فشيئا، نتيجة التعديلات المتوالية التي أدخلت عليه لجعله كاتدرائية (١). وأضاف أن العرصات فقط هي التي نجت من الهدم في هذا الجامع الجميل. وهو عمل، في نظر ديفوكس، كان محل أسف هواة الفن المعماري الأهلي. وكل من تناول وصف الجامع يعترف بجماله وسعته وصحته، لأن تجديده جرى قبل الاحتلال بأقل من أربعين
(١) ولا ندري المسجد الذي عناه دي بوسيه، المتصرف المدني في كتابه (عن المؤسسات الفرنسية في الجزائر) ج ١، ص ١٤٣، حين قال إن الكاثوليك وجدوا سنة ١٨٣٢ مكانا يليق بهم في أحد مساجد العاصمة. وكان هو يكتب سنة ١٨٣٥. وذكر من الآيات القرآنية التي كانت منقوشة على حيطانه: {لمسجد أسس على التقوى ...} و {إن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا} و {إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا} و {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى}. وذكر دي بوسيه أن الذي كتب هذه الآيات هو الخطاط إبراهيم جاكرهي سنة ١٦١٠.