لا نكاد نجد منهم من ألف عملا في الموسيقى والغناء أو العمارة والصناعات التقليدية أو الخطوط والرسم. لذلك اكتفينا حول هذه الفنون بذكر آراء العلماء المبثوثة في تآليفهم الأخرى.
...
وقد وضعت خطة هذا الكتاب ليكون في ثلاثة أجزاء أتناول في الجزءين الأولين منه العهد العثماني من فاتح القرن العاشر إلى بداية القرن الثالث عشر (١٦ إلى ١٩ م) وأتناول في الجزء الثالث العهد الفرنسي. فإذا اتسعت مادة هذا العهد فقد أغطيه بجزئين أيضا (١). وبذلك يكون الكتاب في أربعة أجزاء. ولكن بحثنا في العهد الفرنسي ما زال لم ينته. وقد تناولت في الجزء الأول النواحي النظرية للتاريخ الثقافي من تيارات ومؤثرات وظواهر ومناهج كما تناولت فيه المؤسسات ورجال التصوف والعلماء وعلاقتهم بالسلطة والشعب. أما الجزء الثاني فقد خصصته لدراسة الإنتاج الثقافي من علوم شرعية ومنطق وتصوف وأدب وتاريخ وطب ورياضيات ونحوها. وقد جاء كل جزء في ستة فصول، وجعلت الفصل الأول من الجزء الأول مكرسا للقرن التاسع (١٥ م) باعتباره مرحلة هامة في تطور الثقافة التي ورثها العهد العثماني. كما أنني استعملت التاريخ الهجري لأن ذلك هو الذي استعمله العلماء وساسة ذلك العهد ولأنه عنصر من عناصر تراثنا العربي الإسلامي الذي يجب أن نعتز به ونعود إلى استعماله كما يستعمل الأجانب تواريخهم في كتاباتهم. غير أنني تسهيلا للباحثين غير المتخصصين وضعت بين قوسين القرن الميلادي المقابل للقرن الهجري. فالعاشر يقابله السادس عشر الميلادي والحادي عشر الهجري يقابله السابع عشر الميلادي وهكذا.
وقد كنت انتهيت مبدئيا من جمع المادة الأساسية للجزئين الأولين منذ حوالي عامين وحاولت الشروع في الكتابة، فكتبت الفصل الأول من الجزء الأول في الجزائر. ثم توقفت وظللت أبحث عن وقت أتفرغ فيه للكتابة وأنا
(١) عن الخطة الجديدة انظر مقدمة هذه الطبعة وكذلك مقدمة الجزء الثالث.