للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طبقها العثمانيون لحكم البلاد غير المباشر أن القبائل التي تعاملت معهم بطاعة وخضوع تام قد أعفيت من دفع الضرائب (كما أعفوا منها العلماء والمرابطين) وسميت (بالمخزن) ومنحت سلطات واسعة كقوة عسكرية عند الحاجة. أما بقية القبائل التي لم تخضع إلا بالقوة فقد فرضت عليها الضرائب وسميت (رعية) وعوملت معاملة قاسية. وهكذا يمكن القول بأن العثمانيين قد طبقوا على الجزائر قواعد الحرب الإسلامية التي تطبق في الواقع على بلد غير إسلامي بعد فتحه (١).

ويمكننا بعد هذه النظرة العامة أن نذكر عدة نماذج من ثورات الأمراء والولاة والقواد وأصحاب المصالح السياسية والاقتصادية في بداية العهد العثماني. وسنكتفي هنا بالإشارة إلى محاولة سليم التومي استعادة نفوذه على مدينة الجزائر مما أدى إلى مقتله على يد عروج بربروس (٢). وإلى نقمة بعض الأمراء الزيانيين في تلمسان والحرب التي دارت هناك ومقتل إسحاق وأخيه عروج بربروس بناحية تلمسان، وإلى ثورة ابن القاضي، أمير إمارة كوكو، ومحاولة حسن باشا ترضيته بالمصاهرة ونحوها، ثم منحه سلطات محلية، وكذلك سخط أمراء قسنطينة على العثمانيين كأولاد صولة، وثورة بوطريق في نواحي مليانة على العثمانيين أيام الحاج بشير باشا (٣).

٢ - وبتقادم العهد بدأت تظهر ثورات وتمردات جديدة تدفعها عوامل جديدة أيضا. فهنالك المنازعة بل المقاتلة التي نشبت بين العرب والعثمانيين


(١) انظر كتاب (الاكتفاء في جوائز الأمراء والخلفاء) لمحمد المصطفى بن زرفة الذي ألفه للباي محمد الكبير. وقد تحدثنا عنه في فصل العلوم الشرعية من الجزء الثاني. والملاحظ أن العثمانيين قد أبقوا حكم قسنطينة في أولاد فرحات فترة طويلة وحكم تلمسان في بقايا بني زيان كما أبقوا تنس وإمارة كوكو وغيرهما تحت أيدي الحكام المحليين فترة من الوقت.
(٢) ظل ابن سليم التومي ناقما على العثمانيين وقيل إنه هرب إلى الأسبان واستنجد بهم ضد عروج وأخيه خير الدين.
(٣) حول الثورات في القرن العاشر انظر هايدو (ملوك الجزائر) - الترجمة الفرنسية.

<<  <  ج: ص:  >  >>