للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حول تلمسان والتي أشار إليها ابن مريم. ولم يشر ابن مريم إلى تاريخ الحادثة ولكنه أوردها في ترجمة الشيخ محمد السويدي الذي توفي حوالي سنة ٩٨٠ هـ. فقد جاء في كتاب (البستان) أن الترك قد نزلوا بحملتهم (أي الحملة العسكرية) في الدواوير القريبة من تلمسان، وكانوا يأخذون العلف من أحد هذه الدواوير (وتشاجروا (يعني الترك) مع أهل الدوار وقام العرب يتقاتلون مع الترك) (١). ويبدو أن سبب هذا التشاجر والتقاتل كان اقتصاديا وكان العثمانيون قد نزلوا بجيوشهم في هذا المكان وأرادوا الاستيلاء على الحبوب من المطامير ونحوها من مخازن العلف، وهو مورد رئيسي للسكان، ولم يذكر ابن مريم زعيما لهذه الحادثة التي يبدو أنها كانت رد فعل تلقائي من السكان.

٣ - والحادثة التي رواها ابن مريم لم تكن حادثة معزولة. فالمؤرخون يتحدثون عن ثورة في الغرب الجزائري دامت مدة طويلة، وهي المعروفة (بثورة المحال) (٢)، وهي ثورة قبيلة سويد العربية ضد العثمانيين. وكانت قاعدة هذه الثورة أحيانا مدينة تنس البحرية التي كانت قاعدة لحكم سويد قبل مجيء العثمانيين (٣). وكان لسويد علاقة بشيوخ الثعالبة الذين كانوا يحكمون متيجة ومدينة الجزائر عند مجيء العثمانيين. ولا شك أنهم تأثروا لمقتل سليم التومي على يد عروج. ويبدو أن العثمانيين قد أجلوا سويدا عن أماكنهم في

تنس بعد وفاة زعيمها جميد العبد. وقد سجل الشعر الشعبي هذه العلاقة بين سويد والعثمانيين. فالشاعر ابن السويكت السويدي روى المعارك التي دارت

بين قومه وبين العثمانيين، كما تحدث عن جلاء قومه، وبمعنى آخر عن هزيمتهم، وذلك في قوله:


(١) ابن مريم (البستان)، ٢٩٠.
(٢) جمع محلة أي الحملة العسكرية.
(٣) من زعماء سويد حميد العبد الذي قيل إن خير الدين قد أبقاه في الحكم إلى وفاته، ثم تعين مكانه أحد العثمانيين، ولعل ذلك كان من أسباب ثورة سويد. انظر هايدو (ملوك الجزائر).

<<  <  ج: ص:  >  >>