للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الترك جاروا واسويد عقابهم طافحين ... والترك شاربين الهبال في سطله

أداكم الطمع في مطافل امتمقين ... اسويد ما يطيعوا الترك قتاله

فهو يصف الترك بالجور والحماقة والطمع والوحشية (قتالة) لذلك لم تطعهم سويد الشجاعة. أما عن جلاء قومه فقد قال:

لا من جاب أخبار سويد ... أين مضرب راهم نازلين امحالي (١)

والمؤرخون لا يذكرون أسبابا واضحة لثورة سويد. فهل كان لصفتهم العربية دخل في هذه الثورة التي تكون بذلك تعبيرا عن بداية روح (وطنية) ضد العثمانيين؟ ولنلاحظ أن ابن مريم قد استعمل عبارة (الترك). كما أن ثورة سويد كانت ثورة عربية إذا نظرنا إلى الجانب القبلي فيها. وبالإضافة إلى ذلك فإن الشاعر السويدي العربي كان يشير إلى العثمانيين باسم (الترك) أيضا عدة مرات. وكأنه يلح على ذلك إلحاحا خاصا. ولكن العامل (الوطني) قد يكون ثانويا إلى جانب العامل الاقتصادي والسياسي. فالمؤرخون يذكرون أنه كان لسويد ماض حافل وكانت تحكم مساحة شاسعة تمتد من مستغانم غربا إلى العطاف شرقا ثم امتد نفوذها إلى ضواحي مدينة الجزائر. وكان لها أمراء وقادة يحكمون إمارة تنس. فالوجود العثماني إذن كان يعني نهاية هذا المجد والثروات التي تنتجها الأراضي الخصبة التي كانت تحت أيدي سويد.

٤ - وفي زواوة حدثت ثورة خلال القرن الثاني عشر شبيهة بثورة المحال.

وكانت زواوة ممتنعة على العثمانيين، كما كانت تدفع لهم ضريبة الاستقلال الداخلي. ولعل محاولة العثمانيين التوغل في زواوة وفرض ضرائب جديدة على أهلها نتيجة النقص في غنائم البحر هو العامل الرئيسي وراء هذه الثورة. ففي سنة ١١٥٨ خرج أهل زواوة ضد القائد العثماني محمد الفريرا المشهور


(١) المهدي البوعبدلي مقدمة كتاب (الثغر الجماني) ٣٤، و (بهجة الناظر) وكذلك أرنست ميرسييه (تاريخ شمال إفريقية) ٣٨٣. انظر مقالتي عن قصيدة ابن ميمون التي قالها في تهنئة الحاج محمد خوجة بعد عودته منتصرا على الثائر بوزيد في كتاب (أبحاث وآراء في تاريخ الجزائر) والقصيدة بتاريخ ١١٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>