للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالذباح (ولأهمية زواوة أنشأ العثمانيون قيادة خاصة في سباو التي فصلوها عن إقليم التيطري) فاستولى الزواويون على برج (قلعة) بوغني، وبعد شهر استولوا على برح حمزة (البويرة اليوم) وتمكنوا من قتل قائد الحامية العثمانية في سباو وهو محمد الذباح المذكور. وقد استمرت الثورة مدة سنة على الأقل وأزعجت السلطات العثمانية فجندت لها جيشا من العاصمة بقيادة شريف آغا ومن المدية بقيادة الباي سفطان، ومن قسنطينة بقيادة الباي إحمد القلي. وبذلك وضع حد لهذه الثورة الخطيرة على الوجود العثماني (١).

وقد صور ابن حمادوش الجزائري هذه الثورة بشيء من العاطفة والتأثر. فبعد أن تحدث عن اقتران المريخ وزحل يوم الجمعة أول شهر ربيع الأول سنة ١١٥٨، قال (فوافق ذلك نفوذ وعد الله بطائفة من القبائل من زواوة أن نافقوا (أي ثاروا) على القائد محمد، قائد ساباو الذباح، فبعث إلى إبراهيم باشا فأمده آغا الصبايحية (الفرسان) معه حانبة (فرقة) نحو المئاتي يولداش. فلم يأت اجتماع الشمس والقمر الآتي (؟) حتى هلكت دشور (قرى) القبائل. وبعث يوم الثلاثاء ثالث ربيع الثاني بثمانية وسبعين رأسا على الجمال وأردفها من الغد بأربعة عشر رأسا، ونهبوا أمتعتهم وأموالهم وحرقوا دشورهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم) (٢). وحسب هذه الرواية فإن الثورة في الواقع لم تنته عندئذ وإنما هي البداية فقط. فابن حمادوش لا يتحدث عن مقتل القائد الذباح، كما أنه لا يتحدث عن اتساع ميدان الثورة بعد ذلك .. ولكن كان يركز على فظاعة المعاملة التي عامل بها العثمانيون


(١) أشار إليها أيضا ابن حمادوش (الرحلة). وميرسييه (تاريخ شمال إفريقية) ٣٨٧، وبواييه (سياسة الأتراك الدينية في الجزائر) في (مجلة الغرب الإسلامي) ١٩٦٦، ٣٩.
وعن القائد الذباح انظر روبان (الباي محمد بن علي الذباح) في (المجلة الإفريقية)، ١٨٧٣، وكذلك البارون فيدرمان (المجلة الإفريقية) ١٨٦٥. انظر أيضا الحاج أحمد المبارك (تاريخ حاضرة قسنطينة) عن ثورات أخرى وقعت في بني عباس وفليسه خلال القرن الثاني عشر.
(٢) ابن حمادوش (الرحلة).

<<  <  ج: ص:  >  >>