للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثوار. فهي القتل والتمثيل والحرق والنهب. ونحب أن نشير هنا إلى أن ابن حمادوش في كتاباته لم يكن يكشف عن رأيه في العثمانيين، ولكن خلافا لبعض معاصريه، لم يمدحهم، وكان يكتفي بتسجيل الحوادث بشكل محايد.

٥ - ومن الثورات غير الدينية ضد العثمانيين ثورة الكراغلة وثورة تلمسان في القرن الحادي عشر. وقد حظيت ثورة الكراغلة بانتباه بعض الباحثين أخيرا مثل بواييه الفرنسي الذي حاول أن يسلط عليها الأضواء من جديد (١). وحسبنا هنا أن نشير إلى أن الثورة في حد ذاتها لم تثمر لأن الحكام قد اكتشفوها قبل نضجها. وكانت تمثل محاولة فئة اجتماعية (أبناء الترك من الجزائريات) الاستيلاء على السلطة. فقد كانت هذه الفئة ترى، كما أسلفنا، أنها أحق بالسلطة من العثمانيين القادمين من أناضوليا ومن شذاذ الآفاق الطامعين في حكم الجزائر. فالثورة إذن كانت سياسية واقتصادية واجتماعية. وكان لفشلها عواقب هامة. فقد جعلت العثمانيين يزدادون حذرا من هذه الفئة ويتشبثون أكثر فأكثر بالسلطة دفاعا عن مصالحهم الشخصية والطبقية كفئة غريبة عن المجتمع الذي تحكمه (٢).

أما ثورتا تلمسان سنة ١٠٣٥ وسنة ١٠٣٧ فلدينا عنهما المعلومات الهامة التي أوردها محمد بن سليمان صاحب كتاب (كعبة الطائفين). فقد روى ما ارتكبه القائد محمد بن سوري من الفظاعة والجور ضد أهالي تلمسان. وكان العلماء والمرابطون يتدخلون لديه مثل الشيخ محمد بن علي العبدلي، للتخفيف من غلوائه. وكانوا يؤون الناس من ظلمه حتى أهل


(١) بير بواييه (مجلة الغرب الإسلامي)، ١٥٧٠، عدد خاص، ٧٩ - ٩٤.
(٢) تحدث الأمير الإنكليزي في الجزائر فرنسيس نايت بالتفصيل عن ثورة الكراغلة بمدية الجزائر سنة ١٠٣٤. وقد قال إن أكثر من ستة آلاف شخص قد ماتوا فيها.
انظر كتابه (سبع سنوات ..)، لندن، ١٦٤٠. كما وصف الأسير الإنكليزي الآخر وهو جوزيف بيتز الحادث الذي حدث بين الترك والعرب في مدينة الجزائر أواخر القرن الحادي عشر (١٧ م) والذي مات فيه بين ستين وثمانين من العرب. انظر كتابه (حقائق ..)، ١٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>