للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذمة. ومن الذين دخلوا على القائد ابن سوري، صاحب كتاب (كعبة الطائفين) المذكور الذي روى ذلك بشيء من التفصيل والتأثر. وقال في ابن سوري شعرا جاء فيه:

ترقب يوم موتك يا فلان ... وراهقك الرحيل من الديار

وعرض في كتابه بجور العثمانيين (١)، وقد مات الشيخ العبدلي سنة ١٠٣٥ أثناء عودته من الجزائر بعد تدخله في شؤون الثورة الأولى. ووصف ابن سليمان الثورة الثانية بأنها كانت أعظم من الأولى.

٦ - ولعل أكبر ثورة حدثت في الشرق الجزائري خلال العهد العثماني هي ثورة أحمد الصخري سنة ١٠٤٧. فقد هزت هذه الثورة أركان النظام العثماني وكادت تطيح به لأنها شملت المنطقة الواقعة بين الزاب وحدود تونس إلى حدود دار السلطان (الجزائر ونواحيها)، واستغرقت فترة طويلة وتسببت في سقوط عدد من الباشوات ومات فيها خلق كثير. وقد دخلت بسببها قسنطينة في فوضى لم تبرأ منها طويلا. ورغم أن وثائق هذه الثورة ما زالت نادرة فإنه يمكن القول إنها كانت من الثورات القبلية الاقتصادية. وخلاصتها أن شيخ العرب، محمد بن الصخري بن بوعكاز العلوي الهلالي، قائد الذواودة والحنانشة، قد زار مراد باي، حاكم قسنطينة سنة ١٠٤٧، في مكان خارج المدينة. ولكن الباي اتهمه بالخروج عن الطاعة وأمسكه سجينا عنده، وشاور في شأنه باشا الجزائر والديوان فأشاروا عليه بقتله فقتله هو وابنه أحمد كما قتل معه ستة من أعيان العرب. وبعد ان علقوا رؤوسهم على الخيمة العسكرية فترة جيء بالرؤوس إلى قسنطينة وعلقوها أيضا، (وليس من


(١) وقد اشار ابن المفتي إلى هذه الثورة أيضا. وقال إن ابن سوري قد حمل معه إلى الجزائر جلد المدعي المغربي، وجلد مساعده، محشوا بالتبن إلى الجزائر. انظر (تاريخ باشوات الجزائر) (المجلة الآسيوية)، ١٩٢٢، ٢٠٣. وبناء على رواية عبد الكريم الفكون في (منشور الهداية) فإن الثائر هناك هو السوسي المغربي. وقد توفي ابن سوري سنة ١٠٤٠. أما عن كتاب (كعبة الطائفين) فانظر كتابي (أبحاث
وآراء في تاريخ الجزائر).

<<  <  ج: ص:  >  >>