للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بينها رأس ابن الصخري وابنه).

وبعد عام (أي سنة ١٠٤٨) ثار أحمد بن الصخري، أخ القتيل، وقاد جموع العرب والحنانشة والذواودة وغيرهم ضد العثمانيين. وقد هاجم الثوار مدينة قسنطينة وغيرها. وجاءت النجدات من الجزائر إلى مراد باي، حاكم الإقليم. وامتدت الثورة إلى الزيبان والصحراء وعنابة. ومن المعارك التي انتصر فيها الثوار (معركة كجال) التي هرب خلالها مراد باي، ولم يعرف مصيره بعدها. كما قتل فيها كاتبه شريط ابن صولة، وأثناء هذه الثورة الخطيرة عدل يوسف باشا عن إعلان الجهاد ضد الإسبان في وهران وجاء بنفسه لحرب الثوار فأقام سنة في قسنطينة وتوجه إلى الزيبان، ولكن الثورة استمرت (١). وقد جند الباشا كل الوسائل للقضاء عليها مثل مكاتبته لأهل الرأي والعلماء وطلب مساعدتهم وتهديد المنشقين بالويل والثبور (٢). وقد سجل الشعر الشعبي استمرارية ثورة ابن الصخري في مناسبات أخرى. فهذه علجية بنت بوعزيز بوعكاز (التي سماها بيسونيل الرحالة الفرنسي عندئذ جان دارك قومها) قد قادت العرب وجموع الحنانشة ضد الترك عندما دب الفشل في الرجال. والشاعر الشعبي قد ذم الترك وأشاد بقومه وبالفتاة الشجاعة إذ قال:

قصة طراد شاو الزمان يا حضار ... مع الترك الخداعين يا حسرة

وقال عن علجية بالذات:

طاحو اليوم سادات في الحروب أبدان ... أهل العلوم يقرأوا من الحمد للبقرة

يندهو إلى أشياخ القومان ... بنت بوعزيز سيدة الرجالة (٣)

ركبا على زرقا تنطمى فرخ الجان ... تسبق الغزال تشطفه تزيد في لغواط


(١) انظر فايسات (روكاي) - ١٨٦٧، ٣٤٤، وأيضا ما كتبه عن نفس الموضوع فيرو (المجلة الإفريقية) ١٨٥٩.
(٢) انظر مراسلات يوسف باشا مع محمد ساسي البوني مرابط وعالم عنابة. مخطوط باريس رقم ٦٧٢٤. ودراستي عن هذا الموضوع في مجلة (الثقافة)، ٥١، ٩٧٩ ١.
(٣) القصيدة طويلة وهي في (المجلة الإفريقية) ١٨٧٤, ٢١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>