للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد هاجرت الكتب أيضا إلى فرنسا نفسها في أوقات مختلفة في حقائب الضباط والمترجمين والمستشرقين والعلماء واللصوص أيضا. ولذلك فإن من يبحث في تاريخ الجزائر في العهد الفرنسي سيجد مصادره مبعثرة في مكتبات العالم، ولا سيما مكتبات المشرق والمغرب والمكتبات الفرنسية العمومية والخصوصية. وإذا كانت المكتبات العمومية معروفة أو يمكن معرفة ما فيها لوجود الفهارس، فإن المكتبات الخاصة لا يمكن معرفتها لأن أصحابها كثيرون وأن تراثهم قد انتقل منهم إلى أحفادهم وأصهارهم أو بيع في المزاد العلني، أو لأنه لا يوجد فهرس للمكتبات الخاصة إلا نادرا (١).

والواقع أن عملية اتلاف الوثائق بدأت من لحظة الاحتلال. فقد أباح قائد الحملة بورمون، مدينة الجزائر شهرا كاملا لجنوده يعيثون فيها فسادا وسرقة. وقد لاحظت السيدة روجرز بعد حوالي ثلاثين سنة من الاحتلال: أن الجنود كانوا أحرارا في نهب وتدمير وثائق الدولة الجزائرية، وكانوا منها يشعلون غلايينهم. وكان قائدهم (بورمون) مهموما بموت ابنه. ولم يتوقف التخريب عند المدينة بل شمل المنطقة الواقعة بين سيدي فرج (حيث بدأت عملية الإنزال العسكري) والعاصمة. فقطعت الأشجار، وديست الحدائق، وحطمت قنوات المياه. فكان سلوك الجيش، حسب قولها، هو أنه جاء للعدوان والنهب ثم يتراجع (٢). وأمام ذلك كيف تكون معاملة الجنود للمخطوطات والوثائق؟.

وليس هذا رأيا معزولا في وصف ما جرى لحظة الاحتلال فقط. فإلى عقد السبعينات كانت الوثائق العربية محل نهب وإهمال. فقد ذكر (دور Dur) وهو قسيس بروتستنتي في الجزائر، أن مجموعة من الوثائق العربية


(١) نشر أوغست كور محتوى الوثائق التي كانت بججوزة شارل فيرو. انظر المجلة الأفريقية ١٩١٤، ص ٩١ - ١١٧. كما نجد بعض المكتبات الخاصة قد حولت إلى دار الأرشيف الوطني الفرنسي وهي تحمل أسماء مالكيها الأصليين، انظر مقدمة ألبير ديفوكس لكتابه (المؤسسات الدينية في مدينة الجزائر) ١٨٧٤.
(٢) السيدة روجرز Rogers (شتاء فى الجزائر)، لندن ١٨٦٥، ص ٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>