هربت من مكاتب الحكومة العامة بين ١٨٧٠ - ١٨٧١ وبيعت كأوراق قديمة في ساحة الحكومة (الشهداء حاليا). وحين رآها القسيس (دور) اشتراها ثم أعطاها إلى فيرو الذي كان مترجما رئيسيا في الجيش. ولا شك أن ما عثر عليه (دور) ليس وحده، وإن ما تبقى عند فيرو ليس هو كل الوثائق. ولكي تعرف أهمية هذه الوثائق التي وقع العبث جا شكر أن أوغست كور قد نشر قائمتها المفصلة فكانت ثروة ثمينة تتعلق بالمراسلات بين الأعيان الجزائريين والفرنسيين. ومنها مراسلات إبراهيم باي المعروف بوشناق وعلاقته بالدوائر والزمالة وخدمتهم جميعا للعدو بين ١٨٣٥ - ١٨٣٦ (١).
وقد عانى الأرشيف الجزائري الذي يرجع إلى العهد العثماني من الإهمال والتلف في العهد الفرنسي ما عانى أيضا. فقد تولاه ألبير ديفوكس الذي لم يكن يعرف التركية، فاستخدم بعض المترجمين الجزائريين واستفاد منه بعض الفائدة فيما يتعلق بالحياة الإدارية والعسكرية والأسطول والارقاء والمداخيل. ثم اشتغل بالأوقاف والحياة الدينية وبعض الآثار كالقلاع. وظلت الوثائق مهملة وعرضة للتلف. وإلى وقت الثورة لم يهتم الفرنسيون بتلك الوثائق مثل ما اهتموا برصيدهم القنصلي والتجاري في الجزائر خلال العهد العثماني. ومع ذلك ظل كتابهم يكيلون الشتم وعبارات التحقير والاستهزاء بكل ما ترك العثمانيون (الترك)، متجاهلين أن تلك الثروة من الوثائق ما هي إلا ثروة جزائرية قبل كل شيء. ومن مئات السجلات والآلاف من الوثائق لم يبق سوى بضع صناديق حملت عشية الاستقلال إلى فرنسا ثم أعيد بعضها، وقيل كلها، إلى الجزائر سنة ١٩٧٥. وقد بقيت غير مصنفة طيلة العهد الفرنسي، وهي ما تزال كذلك إلى الآن، عدا بعض الجوانب منها، قام بها جان ديني J. Deny ثم بعض المحاولات التي قام بها جزائريون خلال السبعينات.
ولم يحمل الفرنسيون معهم عند رحيلهم، وثائق الجزائر العثمانية فقط
(١) اوغست كور (الاحتلال المغربي لتلمسان) في (المجلة الأفريقية) ١٩٠٨ ص ٦٦ - ٧٣.