ولكن حملوا معهم كل الوثائق (الإرشيف) الذي جمعوه خلال حكمهم في الجزائر. وهو على ما قيل أطنان من الوثائق، والكثير منها مصنف، ولكن بقي أيضا الكثير غير مصنف ولا مفهرس. وهكذا حرموا الجزائريين إلى الآن من تراثهم الوطني، فالجزائري الذي يريد أن يبحث في حادثة أو شخصية أو ظاهرة اقتصادية أو مدينة من المدن ... عليه أن يحج إلى فرنسا وأن يقطع البحر لعله يحصل على معلومات عن أمر يتعلق ببلاده وجرى في بلاده، وربما قيل له ماذا تريد منه، وقد لا يبيحون له الاطلاع عليه أصلا رغم مرور الأجل الشرعي عليه.
...
وفي حديثنا عن المكتبات والمخطوطات سنقسم الموضوع إلى مكتبات فرنسية عمومية، مثل المكتبة التي صارت اليوم وطنية، ومكتبة الجامعة، والمكتبات البلدية وغيرها. أما المكتبات الفرنسية الخاصة فلا نتحدث عنها أكثر مما أشرنا إليه. ومن جهة أخرى سنتحدث عن المكتبات الجزائرية العامة منها والخاصة، ونقصد بالعامة هنا ما بقي أو ما أنشئ من مكتبات الزوايا. أما المكتبات الخاصة عند الجيل الجديد الذي نشأ تحت الاحتلال فسترى أنها كانت موجودة رغم أنها لم تلغ مبلغ المكتبات الخاصة في العهد العثماني. ولنبدأ بأول مكتبة عمومية أسسها الفرنسيون وهي مكتبة الجزائر التي كانت تسمى لفترة طويلة المكتبة - المتحف.
من حق الفرنسيين أن ينشئوا مكتبة عمومية لهم في الجزائر بعد الاحتلال، ولكن ليس من حقهم أن ينهبوا ويسلبوا الجزائريين من مخطوطاتهم ليكونوا بها هذه المكتبة. لقد اعتبر الفرنسيون الكتب المحبسة على المدارس والمساجد وكذلك المكتبات الخاصة لدى العائلات الجزائرية غنيمة حرب يأخذونها عن طريق الغلبة والنهب والاختلاس. وكان الضباط والجنود والعلماء والمرافقون لهم كلهم سواء في هذه الفعلة. حرموا المدارس والعلماء من مصادر حياتهم العلمية والفكرية، وحرموا الورثة