للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم عاش الحاج علي بقية أيامه في هدوء بطنجة مبتعدا، كما قال المصدر الفرنسي، عن كل المؤامرات والهرج. ولا ننسى أن الفرنسيين قد عينوا سنة ١٩٠٦ الأمير عبد المالك (ابن الأمير عبدالقادر) رئيسا للشرطة الشريفية في طنجة. وبين الحاج علي وعبد المالك قرابة عائلية واضحة. وسنجد عبد المالك يثور ضد فرنسا ابتداء من سنة ١٩١٥ بدعم من ألمانيا والدولة العثمانية، ولكن ذلك حدث بعد وفاة الحاج علي سنة ١٩٠٩ في طنجة (١).

٩ - محمد المصطفى ابن التهامي: ولد أيضا، في معسكر سنة ١٢٠٥، وتعلم في وهران. وهو ابن عمة الأمير. وكان صهرا له. وقف مع الأمير في كل مراحل حياته. فعينه كاتبا لسره ورئيسا لديوان الإنشاء، وخليفة على مدينة معسكر. وهو الذي عينه ليفاوض محمد الصغير التجاني أثناء حصار عين ماضي واستطاع إقناعه بقبول الصلح. وقد شاطر الأمير سجنه في امبواز وإقامته في بروسة ثم دمشق. وكان هو المدرس لأولاد الأمير في السجن. وفي دمشق تولى ابن التهامي التدريس في الجامع الأموي والفتوى المالكية، وكان يحضر مجالس الأمير، ويناظر علماء الشام، وكان متضلعا في العربية والأدب والفقه؛ وقد اطلعنا له على أشعار ومراسلات مع محمد الشاذلي القسنطيني أثناء إقامتهما في أمبواز. وله قصائد في التوسل لإطلاق سراحهم من السجن، وأخرى في الأدب الصرف. ونحن ننوي نشر مجموعة أشعاره ذات يوم. وقد توفي ابن التهامي فهي دمشق سنة ١٢٨٣ (١٨٦٦). وكان له تلاميذ من الشام نذكر منهم الشاعر عبد السلام الشطي (٢).


(١) لويس ماسينيون (الحاج علي بوطالب) في مجلة العالم الإسلامي. R.M.M فبراير، ١٩١٠، ص ٢٦٦. انظر أيضا كريستلو (المحاكم)، ص ١٨٠. وعن الأمير عبد المالك، انظر الحركة الوطنية، ج ٢، وأبحاث وآراء ج ١. وربما يكون الحاج علي بوطالب هو الذي وسطته فرنسا لدى بوعمامة.
(٢) علماء دمشق وأعيانها، مرجع سابق، ٢/ ٦٤٩. وذكر هذا المصدر أنه دفن في مقبرة الدحداح بدمشق. وقال إن الأمير عندئذ كان في الحجاز، وهو خطأ لأن الأمير قد انتهى من حجه سنة ١٨٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>