للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فخامة ملككم، وقوة عساكركم وكثرة أموالكم ورجالكم، وعدالة أحاكمكم، ونصيحة عمالكم، واستقامة أموركم كلها ما نقطع ولا نشك فيه أنه لا يغلبكم ولا يردكم عن مرادكم إلا الله تعالى ...) (١) وأخيرا طلب الأمير من نابليون أن (ينظمه في سلك المحبين له).

ليس في الرسالة سوى التعهد لنابليون بحفظ العهد والاعتراف بالفضل على تسريحه إياه وعدم الرجوع إلى الجزائر. ولكن الإعلام الرسمي الفرنسي، وعلى لسان جريدة (المبشر)، ذهب يردد أن الأمير تعهد بعدم حمل السلاح مرة أخرى ضد فرنسا. وهو أمر غير وارد في نص الرسالة. كل ما فيها بهذا المعنى هو ترك الأمور في يد الله الذي أمره بالجهاد فجاهد ثم أمره بالتوقف فتوقف، حسب تعبيره. والمسألة كلها قضاء وقدر، وما دام الأمر كذلك، فإن نفس الوضع قد يتجدد بعد حين، وكانت المبشر تكرر أن الأمير لن يرفع السلاح في وجه فرنسا، وأنه قسم على ذلك، وأنه سيبقى وفيا لفرنسا. وكل ذلك غير وارد كما تلاحظ من النص، ولعل الترجمة أساءت إلى النص العربي، لأن الجريدة زعمت أنه لم تصلها سوى النسخة الفرنسية، فأخرت نشرها حتى تصلها النسخة العربية. ولكنها سارعت إلى القول إن الجميع - الخاص والعام - يريدون معرفة ذلك التعهد ليتعظ من يحاول الفتنة ضد فرنسا مستعملين اسم الأمير. إن الجريدة الناطقة باسم السلطات الفرنسية في الجزائر كانت تريد أن تستغل هي رسالة الأمير ضد الثوار، سيما وأن ثورة الشريف بو بغلة كانت جارية في زواوة، وكذلك ثورة محمد بن عبد الله في الصحراء (٢).


(١) في هذه العبارة الأخيرة معاني كثيرة ليس هنا محل ذكرها. فالأمير قد ترك مستقبل الجزائر في يد الله قاهر الظالمين وكاسر شوكة الغزاة بعد أن عجز هو عن ذلك.
(٢) نشرت رسالة الشكر المذكورة في المبشر بتاريخ ٣٠ نوفمبر ١٨٥٣. وأعيد نشرها في ١٢ يوليو ١٨٦٥، بمناسبة زيارة الأمير لفرنسا ووقوع ثورة أولاد سيدي الشيخ. انظر بحث إبراهيم الونيسي. وكانت المبشر تسمي الرسالة (تعهدا)، وقد ذكرنا أنها طبعت في عدة نسخ، وعلى بعضها توقيع الأمير، كما قيل، ثم وزعت في الجزائر على أوسع نطاق.

<<  <  ج: ص:  >  >>