فإن الحاج موسى خالف نصيحة زعيم الدرقاوية عندئذ، محمد العربي بن عطية، وخاض المعارك ضد الفرنسيين، واختلف مع الأمير عبد القادر مما أدى إلى تحاربهما حول المدية. ثم انسحب الحاج موسى نحو الجنوب - الأغواط والجلفة - وكون هناك فرعا لطريقته، وتزوج وأنجب أولادا، هم الذين خلفوه. بعد أن حارب جهة الظهرة وأولاد جلال، قتل مع الشيخ بوزيان في معركة الزعاطشة سنة ١٨٤٩ (١).
وخلال الأربعينات زار الجزائر محمد صالح الرضوي. وهو من أعيان التصوف بالمشرق في وقته. ولا ندري لماذا سهل له الفرنسيون هذه الزيارة رغم أنها جاءت في وقت حرج إذ كانت المقاومة ما تزال على أشدها في عهد الأمير، وكان الحاكم العام هو المارشال بوجو. وقد سمح الفرنسيون للرضوي بالاختلاط بعلماء الوقت في الجزائر وإجازتهم. ثم ذهب منها إلى المغرب، ولعله رجع إلى المشرق عن طريق الجزائر أيضا. وسنعرض لزيارة الرضوي عند الحديث عن الإجازات.
أما زيارة يوسف كرم فهي أوضح من سابقتها. كان يوسف كرم من أعيان لبنان المسيحيين. وكان يتقد غيرة على (الجنس العربي) كما يسميه. وقد حدثت الزيارة للجزائر على إثر أحداث الشام التي تدخل الأمير عبد القادر لإطفائها. وكانت بين يوسف كرم والأمير مراسلات، وكان كرم يحث الأمير على قبول إمارة بلاد الشام إما تحت المظلة العثمانية أو بدونها أي بإعلان الاستقلال عنها. ويهمنا من ذلك كله أن يوسف كرم ثار ضد حاكم جبل لبنان من قبل السلطان، وهو داود باشا، وبعد حوالي سبع سنوات من الفتنة اتفق العثمانيون والفرنسيون على السماح ليوسف كرم بالخروج من البلاد والترخيص العثماني له في ذلك، على أن يذهب للإقامة في الجزائر. وفي ٣١ يناير ١٨٦٧ ركب يوسف كرم من بيروت دارعة فرنسية وتوجهت به غربا (؟). ولعل يوسف كرم قد حل بالجزائر ثم غادرها إلى أوروبا حيث