للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجد النشاط السياسي والإعلامي الذي كان يبحث عنه. (١)

وكانت زيارة الشيخ محمد بيرم الخامس التونسي للجزائر سنة ١٨٧٨. وقد سبق له زيارتها أكثر من مرة، ولكنه لم يتعمق في أجوائها ويعرف على رجالها إلا خلال السنة المذكورة. وكان الشيخ بيرم يعرف أوروبا. وله تفكيره الخاص في التقدم الأوروبي والنهضة الإسلامية، وكان من علماء جامع الزيتونة والعارفين بالفرنسية. وكذلك كانت له نظرة مقارنة بين تونس التي كانت ما تزال عثمانية والجزائر التي تأثرت بالتغييرات الفرنسية. ويكفي أن عائلته قد تولت الشؤون الدينية عقودا مختلفة، ومنها عمه بيرم الراعي الذي كان مفتيا وعالما زيتونيا، وهو الذي خلفه بيرم الخامس، في العلم والثروة والجاه، وكان بيرم الخامس صديقا لخير الدين باشا صاحب (أقوم المسالك) والداعي إلى الإصلاح. وتولى بيرم في تونس وظائف عديدة. وفي فرنسا عالج من مرضه العصبي، وزار معرض باريس الدولي، كما زار لندن. وفي الجزائر (أثناء رجوعه) زار عنابة وقسنطينة والعاصمة، وتعرف على بعض رجال الدين والقضاء، ذكر بعضهم في رحلته (صفوة الاعتبار). ومن هؤلاء أحمد بوقدورة، وعلي بن الحاج موسى، وعلي بن الحفاف، وقدور الشريف، والشرق الصفصافي، والسعيد بن شتاح. وكان محمد بيرم من الناقدين للحكم الفرنسي، سيما نظام القضاء والتعليم، وله نظرات دقيقة في المجتمع الجزائري. ولذلك لم تكن أحكامه لترضي الفرنسيون (٢).


(١) عادل الصلح (سطور من الرسالة)، ص ١٠٥ هامش. لم نجد حتى الآن مصدرا يتحدث عن إقامة يوسف كرم في الجزائر مدة طويلة أو قصيرة. والمعروف أنه توفي بالقرب من نابولي الإيطالية، سنة ١٨٨٩. وقصة كرم هذه تذكرنا بقصة ميشيل عون في عصرنا.
(٢) انظر صفوة الاعتبار، ج ٤. وكذلك هنري بيريز (رحلتان) في (المؤتمر الأول لاتحادية الجمعيات العلمية ...) ١٩٣٥، ص ٢٦٣ - ٢٦٤. وبعد احتلال تونس ١٨٨١ هاجر بيرم إلى المشرق، واستقر بالقاهرة وأصدر جريدة (الإعلام) التي كانت تكتب عن تونس والجزائر وتعارض الاستعمار الفرنسي. وقد توفي بالقاهرة، سنة ١٨٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>