للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخلال التسعينات من القرن الماضي زار الجزائر ثم استقر بها الأخوان قدور وأحمد رودوسي. وكانا من جزيرة رودس التي كانت تحت الدولة العثمانية. وكانا مهتمين ببيع الكتب في العالم العربي. ويبدو أن اتفاقا بينهما وبين السلطة الفرنسية أدى إلى استقرارهما بالعاصمة وإنشاء مكتبة للبيع ومطبعة لطبع الكتب العربية. ولا شك أن هناك خلفيات قد تكون سياسية لهذه الصفقة، ولكنها كانت مفيدة للجزائر على كل حال إذ أصبحت مطبعة رودوسي أول مطبعة عربية في الجزائر يملكها مسلم من أصول قد تكون تركية أو جزائرية (١). ويجب أن نلاحظ أن الفرنسيين كانوا يتعاملون بشأن الكتب العربية مع المسيحيين اللبنانيين عادة. وربما تواصل ذلك حتى بعد الاتفاق مع رودوسي.

وهناك شخصيات من أصول جزائرية مولدا أو نسبا زارت الجزائر بعد أن خرجت منها لظروف الحرب أو نحوها. وأسباب الرجوع أو الزيارة عديدة، منها تفقد الأهل والأقارب، وزيارة الصالحين، والحصول على نصيب من التركات، وحب الاطلاع والمعرفة. ومن أبرز هؤلاء أبو حامد المشرفي، من مشارف معسكر، صاحب التأليف العديدة. فقد جاء من المغرب الأقصى أثناء حجه. وكتب عن أحوال الجزائر كما رآها سنة ١٨٤٩ ثم سنة ١٨٧٧، ومن رأيه أن حالتها (الفرنسية) تدل على أن التقدم فيها كان مستمرا، وأن رجال الدين منتظمون ومحترمون، وأن المدارس متوفرة والدين مرعي. وقد كان المشرفي من الذين سخطوا على الأمير عبد القادر لتأثير حاشيته عليه، أي لأسباب قبلية عائلية، وعبر عن ذلك في كتابه (طرس الأخبار) الذي سندرسه (٢).


(١) نلاحظ أن اسم (قدور) لم يكن شائعا في المشرق، وربما كانت أسرة رودوسي من العثمانيين الذين أخرجهم الفرنسيون قهرا سنة ١٨٢٠. وكانوا قد حلوا بأزمير وجزيرة رودس وغيرهما.
(٢) حياة المشرفي وكتبه في كتابنا أبحاث وآراء ج ٢. وكذلك فصل التاريخ انظر أيضا بيرو (رحلتان)، مرجع سابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>