وتردد على الجزائر أفراد من عائلة مصطفى بن عزوز الرحمانية التي استقرت بنقطة (تونس) منذ حوالي ١٨٤٤. ومنهم الشيخ محمد الخضر حسين الذي زار الشرق الجزائري والعاصمة حوالي ١٩٠٥، وكتب (رحلة جزائرية) ذكر فيها بعض الأعيان الذين لقيهم ووصف الحالة الاجتماعية عموما، وسجل ملاحظات دقيقة، وكانت زيارته في نفس السنة التي انعقد فيها مؤتمر المستشرقين الرابع عشر بالعاصمة. وقد ذكرنا محمد الخضر حسين في عدة مناسبات أخرى، ولكننا لاحظ أنه كان عندئذ من علماء جامع الزيتونة وهو المنشئ لجريدة (السعادة العظمى). وقد نشر رحلته المذكورة فيها، ولعل ذلك مما شجع بعض الطلبة الجزائريين على الالتحاق بالزيتونة.
والشخصية الثانية من نفس العائلة هو المكى بن عزوز. فقد كان أيضا من مواليد نفطة ومن علماء تونس، ومن أصول جزائرية، وكان ميالا إلى الزهد والعلم. فتردد على الجزائر قبل وبعد رحيله إلى المشرق. وكانت للشيخ المكي مصاهرة مع أهل الديس (قرب بوسعادة). وقد اتخذ هذه المصاهرة وسيلة لتكثير الزيارات ونشر أفكاره التي كان يأتي بها من المشرق. وترك الشيخ أبناء، منهم الشيخ الكامل الذي أكثر هو أيضا من الزيارات والتنقل بين الجزائر والمشرق إلى أن استقر ناحية العين البيضاء ثم سوق أهراس. وكان الفرنسيون يتتبعون حركات الشيخ المكي وابنه الكامل، وكذلك حركة ابن خليفة المدني (من نفس العائلة) المتوفى في مكناس. وكانت الزيارات تؤدي إلى إجازة علماء الجزائر، سيما من الرضوي والمكي بن عزوز وابن خليفة (١) وعلي بن ظافر المدني الذي زار أيضا الجزائر سنة ١٢٩٧ هـ (١٨٧٩) وأجاز بعض علمائها كابن الحاج موسى.
ومن تونس جاء أيضا الشيخ عبد العزيز التعالبي سنة ١٨٩٥. وكانت
(١) الكتاني (فهرس الفهارس)، ٢/ ٧٨٨ وهنا وهناك. وقد توفي الشيخ المكي بن عزوز في اسطانبول ودفن بها. ترجمة الشيخ المكي في محمد محفوظ (تراجم المؤلفين التونسيين)، دار الغرب الإسلامي.