للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العلماء المتنافسين. ومن أهم موظفيه - بالإضافة إلى المفتي والوكيل - إمامان للصلوات الخمس، ومساعدان للمفتي وتسعة عشر أستاذا (مدرسا)، وثمانية عشر مؤذنا، وثمانية حزابين لقراءة القرآن الكريم، وثلاثة وكلاء أوقاف واحد منهم نائب للمفتي، الذي هو الوكيل الرئيسي، والثاني وكيل أوقاف المؤذنين والثالث وكيل أوقاف الحزابين، وثمانية منظفين، وثلاثة موظفين للسهر على الإضاءة. أما خطبة الجمعة والعيدين فكان يتولاها المفتي نفسه. فهو إذن مفتي وخطيب ووكيل في نفس الوقت. وسنرى أن بعض المفتين كان ينيب عنه غيره في الخطابة أيضا. وهناك غير هؤلاء من الموظفين الذين لا يكاد يأتي عليهم الحصر (١).

أما الجامع الجديد بالعاصمة فقد كان مقرا للمفتي الحنفي (٢) الذي كان في مقام شيخ الإسلام في إسطنبول. وكانت للمفتي الحنفي اليد الطولى إذا ما حصل خلاف بينه وبين المفتي المالكي، كما كانت له دالة على الباشوات، ولا سيما في العهد الأول عندما كان القاضي الحنفي يأتي من إسطنبول لمدة ثلاث سنوات كالباشا. ومن أشهر العائلات التي تولت الفتوى الحنفية عائلة ابن العنابي. وقد عرفنا أن الجامع الجديد قد بني في القرن الحادي عشر بأمر الوجق وأن أوقافه كانت تحت مؤسسة سبل الخيرات. وكان قد بني على أنقاض الزاوية (أو المدرسة) العنانية التي تشهد بعض الوثائق على أنها تعود إلى القرن العاشر (١٦ م) ويقع الجامع في مواجهة البحر حتى أن كل قادم للمدينة من الميناء يراه فيؤخذ بشكله الجذاب وقبته العالية وبياضه الناصع. وكان الرياس (أو البحارة) يحيونه عتد الغدو للجهاد بالطلقات النارية تيمتا بالنصر. وكان له أيضا عدد ضخم من الموظفين الذين يتوزعون على مختلف الاختصاصات. ولكنه فقد بعض روعته وهيبته عندما غطاه الفرنسيون من جهة البحر بمدهم الطريق الموازي للميناء. أما داخله فما يزال يثير الدهشة والتأمل


(١) ديفوكس (المجلة الإفريقية) ١٨٦٦، ٣٨١.
(٢) كان لقبه في الأول القاضي الحنفي، ثم ظهر لقب المفتي الحنفي ولكن القاضي احتفظ بوظيفته فكان هناك القاضي والمفتي الحنفيان والقاضي والمفتي المالكيان.

<<  <  ج: ص:  >  >>