للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويظهر منه التأثير العثماني في العمارة. وقد نقشت على جدرانه آيات قرآنية وعبارات دينية بالعربية والتركية، وبعض الأبيات من قصيدة البردة للبوصيري (١).

ومن أشهر المساجد في غير العاصمة جامع الباي محمد الكبير في معسكر، ويبدو أنه كان يخطط له ليكون قاعدة كبيرة لنشر التعليم في المنطقة ينافس به القرويين في فاس، ولكن تطور الزمن لم يحقق له ذلك. فقد نقلت العاصمة إلى وهران بعد فتحها الثاني ووقعت ثورة الطريقة الدرقاوية، ثم حل الفرنسيون بمعسكر بعد أقل من أربعين سنة من بناء الجامع. ومهما كان الأمر فإن الباي قد أكمل بناءه وأضاف إليه مدرسة وأوقف عليه أوقافا كثيرة، بما في ذلك خزانة كتب وحمام (وحدائق ودورا وحوانيت) وبنى له فرنا. فكانت تكفي (غلات أحباسه جميع وظائفه ولوازمه وتفضل منها فضلة تدخر له) وقد أصبح هذا الجامع من المباني الهامة أو من (العجائب) كما يقول ابن سحنون، حتى أن الناس كانوا يقصدونه (اللتنزه والتعجب) وكان من موظفيه، حسبما جاء في وقفيته، الخطيب والإمام وأربعة مؤذنين ومسمع (أو مساعد المدرس) وأربعة مدرسين، وعدد من الطلبة، وقراء الحزب (أو الحزابين)، وقراء حديث اللغو يوم الجمعة، وقراء تنبيه الأنام. وقد خصص لجميع هؤلاء رواتب تليق بهم (٢). وهذا الجامع (العجيب) هو الذي لم يعد يثير الإعجاب سنة ١٢٥١ (١٨٣٥) حين زاره طاطارو الفرنسي وسجل أن في مدينة معسكر جامعا واحدا له منارة قريبة من قصر الباي (٣) ولعل وصف سان هيبوليت أصدق من وصف طاطارو حين قال إنه كان لمعسكر مبان جميلة وقصر واسع جدا


(١) نفس المصدر، ١٨٦٧، ٣٠٢، ٣٨٣. وكذلك بولسكي الذي أعجب أيضا بالجامع الكبير كثيرا ووصفه. ١٧.
(٢) ابن سحنون (الثغر الجماني)، مخطوط، ورقة ١٠ - ١٢. انظر ليكبرك (المجلة الإفريقية).١٨٥٩، ٤٣.
(٣) مارسيل ايمريت (الجزائر في عهد الأمير عبد القادر)، ٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>