للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اشتمل على فضل السير والخصائل الحميدة، كما مدح آل عثمان جميعا واعتبرهم من الأشراف، ومدح عاصمتهم (الآستانة) الغراء. وقارن بين البوازيد وآل عثمان واعتبرهم جميعا من عترة واحدة، من آل البيت. ولعل هذا الموقف (السياسي) هو الذي جعل السلطات الفرنسية لا تغفر للشيخ عاشور جرأته، فزجت به في السجن، ولم يخرج منه إلا بتوسلات وتدخلات. وقد كتب البعض عن ولاء الجزائريين لآل عثمان، ولكن موقف الشيخ عاشور مهم ومن الفرنسيين ما يزال غير مدروس. وسنتعرض في فصل الشعر لشيء من هذا الشعر السياسي، ويكفي أن نذكر هنا قول الشيخ عاشور في السلطان عبد الحميد:

مولى الورى (عبد الحميد) حميد ما ... شملته سلطنة البرايا من سير

من آل عثمان الذي جمع الخلا ... فة في الورى فيما تجاهر واستتر (١)

ولا ندري إن كان الشيخ عاشور قد أرسل قصيدته الكبرى هذه إلى أبي الهدى الصيادي أو أنه تلقى من هذا مراسلة. والغالب أن العلاقة كانت موجودة بينهما، وقد نظم قصيدته المذكورة قبل وفاة السيد جمال الدين الأفغاني بسنتين.

لم تنقطع الاتصالات بين الجزائريين وشيوخهم وزملائهم أيضا. فابن باديس الذي درس على الشيخ محمد الخضر حسين بالزيتونة وفي داره بتونس لا نظنه إلا وقد لقيه في المشرق بعد أن هاجر إليه الشيخ الخضر وحج إليه الشيخ ابن باديس (٢).

وفي هذا المجال تدخل زيارة ابن باديس لتونس للقاء الشيخ عبد العزيز


(١) عاشور الخنقي (منار الإشراف)، ط. الجزائر، ١٩١٤، ص ٥٩ وهنا وهناك. وترجع القصيدة إلى سنة ١٨٩٥.
(٢) انظر الشهاب، عدد غشت ١٩٣٠، ص ٤٠٧ هامش علق فيه ابن باديس على مجلة (نور الإسلام) التي أصدرها الشيخ الخضر حسين في مصر، ورغم أنه ذكر المواد التي درسها عليه في تونس، فإنه لم يقل انه لقيه بالمشرق أثناء حجته.

<<  <  ج: ص:  >  >>