للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثعالبي بعد خمسة عشر عاما من النفي. وربما كانت بين ابن باديس والثعالبي مراسلات سابقة حول وضع المغرب العربي بعد الحرب الأولى. فقد كان الثعالبي مهتما بحركة ابن باديس التي ظهرت في شكل هيئة علمية لإرساء النهضة العربية الإسلامية في الجزائر قبل الانطلاقة السياسية. ولذلك أثارت الصحافة الفرنسية ضجة حول زيارة ابن باديس لتونس سنة ١٩٣٧، واتفاق الزعيمين، حسب هذه الصحافة، على توحيد حركات المغرب العربي (١).

وقد تعرضنا في دراستنا عن الأمير شكيب ارسلان إلى المراسلات التي دارت بينه وبين أعيان العلماء الجزائريين بين الحربين. وذكرنا منهم أحمد توفيق المدني، وعبد الحميد بن باديس، والطيب العقبي، وأبا يعلي الزواوي، وإبراهيم أبا اليقظان. وكان شكيب أرسلان يراسل هؤلاء ويراسل أيضا الحاج أحمد مصالي زعيم حزب النجم (ثم الشعب). وهذه المراسلات تشكل فصلا خاصا في العلاقات السياسية والعلمية بين الجزائريين والمشارقة (٢).

ومن أبرز زعماء المشرق الذين اهتموا بالجزائر وتراسلوا مع أعيانها محب الدين الخطيب، وهو من الشخصيات التي ما تزال في حاجة إلى دراسة معمقة من هذا الجانب. وقد عثر بعض الباحثين في أوراقه على (مجموعة كبيرة) من الرسائل التي دارت بينه وبين بعض الجزائريين دون ذكر أسمائهم. ويغلب على الظن أن من بينهم رجالا كالعقي وابن باديس والإبراهيمي والزاهري. وكان العقبي يعرفه منذ كان بالمدينة بل ربما تعامل معه في جريدة (القبلة) الحجازية سنوات ١٩١٦ - ١٩٢٠. وكان الزواوي قد طبع أحد كتبه في مطبعة محب الدين الخطيب، وكانت مجلة (الفتح) التي يشرف عليها الخطيب تصل إلى بعض القراء في الجزائر. ومن الذين وجدت أسماؤهم في أوراق الخطيب الشاعر مفدي زكريا الذي راسله سنة ١٩٣٧ عندما كان عضوا


(١) البصائر ١٦ يوليو ١٩٣٧، وكذلك ١٣ غشت ١٩٣٧. انظر الحركة الوطنية ج ٣.
(٢) نشرنا البحث في الكتاب التذكاري (أوراق في الأدب والتاريخ) الذي يحمل اسم الدكتور نقولا زيادة، لندن ١٩٩٠. انظر أيضا كتابنا أبحاث وآراء ج ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>