للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

احتياطيا. وهذه هي غاية العلم الذي كانت تدعو إليه فرنسا ويطبل له المتحمسون لحضارتها عندئذ. دخل أحمد سنة ١٨٥٠ مسابقة المترجمين وترقى من الطبقة الثانية إلى الأولى سنة ١٨٥٢ مثل زميله في عملية الخطف علي الشريف الزهار. وكذلك دخل مثله كتيبة الفرسان وتطوع عسكريا، كما يقول فيرو.

وفي سنة ١٨٦٤ كان أحمد بن رويلة مساعدا ملحقا بالمكتب العربي في قصر البخاري (بوغار). والتاريخ المذكور يذكرنا بثورة أولاد سيدي الشيخ واتخاذ المواقف بشأنها. وقد امتدت الثورة إلى تلك النواحي. وكان دور المكتب العربي هو منع تسربها إلى المناطق الآهلة بالسكان والقضاء على قادتها. وأبى الفرنسيون إلا أن ينهوا حياة أحمد بن رويلة نهاية يعرفها كثير من الجزائريين الذين خالطوهم، فهذا الشاب الذي يقول عنه العقيد تروميلي إنه كان (متعلما ومتحضرا) لم يكن يروق، حسب الرواية الفرنسية، للآغا النعيمي بن جديد المتولى للفرنسيين أيضا نواحي قصر البخاري. وأثناء خروج أحمد بن رويلة لتسقط الأخبار عن الثورة في جهة طاقين على رأس كوكبة من الفرسان الجزائريين ومعهم فرنسيان، فاجأته جماعة على رأسها أبو بكر أخ النعيمي، الذي كان ابن رويلة قد طرده من المكتب العربي ذات مرة. فقتل ابن رويلة وجماعته عن آخرهم سنة ١٨٦٤ في نفس المكان الذي كان قد أسر فيه منذ ١٢ سنة، وهو طاقين (١). فأين الحقيقة من هذه المقتلة التي ذهبت ضحيتها مجموعة من شباب الجزائر؟.

إن أحمد بن رويلة تبكيه أسرته وبلاده التي فقدته في الحقيقة منذ ١٨٤٣ (٢). وكان يمكنه أن يكون كأبيه وخاله وأصهاره، من الشبان المثقفين المتنورين الذين يعملون لخير بلادهم. ولكنه راح ضحية الاختطاف أولا


(١) فيرو، مرجع سابق، ص ٣٠٧ - ٣٠٩، عن تروميلي. وبيروني، مرجع سابق، ص ٨٧٠. وفي هذا المرجع أنه أحمد بن كويلة. وأنه بدأ الترجمة سنة ١٨٤٧، أي عندما كان عمره حوالي ١٧ سنة.
(٢) لم ير والده منذ فارقه. وقد أدرك الموت والده في بيروت أوائل الخمسينات.

<<  <  ج: ص:  >  >>