القليلة التي نشأت بالبلاد. كان ذلك في الوقت الذي كانت فيه السلطات الفرنسية تقول إن (التعصب) ومعاداة الفرنسيين والخوف من تنصير الأطفال هى التى وقفت حائلا دون الإقبال على المدارس الفرنسية. بينما كان الجزائريون يطالبون بمدارس يشرفون عليها بأنفسهم.
ففي ٢٢ فبراير ١٨٦٤ نشرت المبشر مقالة لمصطفى بن السادات تحت عنوان (نصيحة وإرشاد لمن عطل عن مسابقة الأقلام وإهدار المداد) في المعنى الذي سقناه. وهو يبدو فيها أديبا وعالما من علماء الوقت، وكان أكثر معارف وأفضل قلما من محمد الشاذلي المعروف بأشعاره الضعيفة. ولعل ابن السادات كان من إخراج المستشرق شيربونو الذي كان يبث اللغة الفرنسية والتأثير الفرنسي في بعض المسلمين كما كان يلم اللغة العربية للفرنسيين. وقد حث ابن السادات في المقالة المذكورة على التعلم ونهض ضد الأمية ودعا إلى الكتابة والتدوين. وهو كلام لا يعارضه فيه مواطنوه. وعشية فتح فرع الكوليج الامبريالي (المدرسة السلطانية) في قسنطينة، كتب ابن السادات مقالة جيدة في محتواها ومبناها، ولكن دوافعها تظل محل شك.
عنوان المقالة الجديدة هو (النصيحة الدرية في تأديب الذرية)، وهي بقلم عربي سليم، وقد احتوت على آداب جمة. ووصف المدرسة الجديدة، وهي غير المدرسة الشرعية، معنويا وظاهريا، ومدى ما سيكون لها من تأثير مفيد على السكان في قسنطينة (المرعية)، وذكر أن البرنامج قد اشتمل على مواد عربية وأخرى فرنسية، وأنه سيكون للمدرسة إمام ومصلى ومصحة، وهو ما كانت سلطات نابليون حريصة عليه ظاهريا لترغيب الجزائريين وإزالة تخوفاتهم على أبنائهم. ومحتوى المقالة عموما كأنه صادر عن مصلحة الشؤون الأهلية، ففيه نفس التعابير والمعاني وأحيانا نفس الألفاظ. فالمدرسة مؤسسة هامة، والعلم مطلوب ومرغوب دنيا وأخرى. والدولة الفرنسية حريصة على تعليم الأهالي علومها وتمدينهم بلغتها، وهكذا. ويقول ابن السادات إن اللغة الفرنسية أصبحت ضرورية لكسب العلوم والوظائف. وأخبر قومه أن واحدا وثلاثين جزائريا (أي بعد عشر سنوات) قد تخرجوا من