للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٨٧١ وحول تلاميذها وإمامها إلى الليسيه. وبالإضافة إلى الإمامة تولى الشيخ محمود التدريس في الجامع الكبير أيضا. ويبدو أن ذلك كان في التسعينات فقط حين شيخ لبعض رجال الدين بإعطاء درس في التوحيد وآخر في الفقه للعامة. وقد توفي الشيخ في ١٧ فبراير ١٨٩٧ (١). وله كما قلنا ولع بالنساخة، كما له تعليق في الطب سنتناوله في جزء آخر.

ومن ذلك نفهم أن الشيخ محمود بن الأمين كان من أعيان مدينة الجزائر، وكان من رجال الدين والعلم. فإذا كتب يدعو إلى فكرة ما فإن كلمته ستكون مسموعة عند من يعرفون قيمة أسرته، على الأقل. هذا هو الدافع في نظرنا الذي جعل الفرنسيين يلجأون إلى هذا الإمام الموظف عندهم ليستخرجوا منه رأيا في تأييد دعوتهم بأن يترك الجزانريون (تعصبهم) ويقبلوا على تعلم الفرنسية وعلى العلوم التي تعرضها عليهم فرنسا. فقد كتب الشيخ محمود مقالة مطولة استغرقت صفحة كاملة وعمودا من المبشر وكتبت بحرف رقيق، وعنوانها (نصيحة عمومية لأهل الحضر والبادية). وفاتحتها عبارة عن خطبة من خطب الجمعة، ولعله كان يخطب بذلك أيضا وبنفس الأفكار في المساجد أو في المدرسة السلطانية. وقال إن دافعه إلى كتابتها هو ما رآه من بخل الناس بأنفسهم عن التعلم ولجوئهم إلى الكسل، فجاء ليوقظهم من سباتهم وينبههم إلى ضرورة التعلم وإلى فضل العلم وشرفه وذم الجهل وغوائله، لكي يرقوا إلى أعلى الدرجات الإنسانية. وبعد أن عرف العلم في اللغة والقرآن الكريم والحديث الشريف والآثار والشعر، وهو يورد النصوص والأشعار المؤيدة لذلك، مما يدل على اتساع معارفه في الأدب والتراث والتاريخ، رجع بعد ذلك إلى مقصوده وأخبر أن العلم صالح للدنيا والآخرة وهو مطلوب شرعا.

أما عن اللغة والعلوم الفرنسية فقد تجول فيها الشيخ محمود جولة


(١) الحفناوي، تعريف الخلف، ٢/ ٤٧٤. عن دوره في النساخة انظر فصل المنشآت الثقافية.

<<  <  ج: ص:  >  >>