للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علوما دون أن نستفيد منها، وهي عند الفرنسيين قد بلغت حظا كبيرا، ويعني بذلك علم الزراعة والنباتات وسبك المعادن والكيمياء ... و (فن ترجمة الكتب العلمية، وهو من الفنون الصعبة، لأنه يحتاج إلى معرفة اصطلاحات أصول العلوم المراد ترجمتها) (١).

ونلاحظ على كتابة الشيخ محمود عدم استعمال السجع، وبساطة الأسلوب، ووضوح الأفكار، وغزارة المعارف، وقوة الحجة. غير أن شواهده كثيرة وطويلة. ولعله كان يسعى إلى إقناع المترددين أو الخائفين على مصير أولادهم إذا دخلوا المدارس الفرنسية. ولكن الشيخ لم يتفطن إلى خلفيات هذه الحملة التي تنظمها المبشر ومن ورائها إدارة الشؤون الأهلية والمكاتب العربية التي كانت تصور فرنسا بلادا متحضرة من جهة وحاملة لواء الحضارة والتمدين من جهة أخرى. وكان ذلك يحدث أيام انتزاع الأراضي من الجزائريين عن طريق المرسوم المشيخي وإغراق البلاد بالمستوطنين الفرنسيين الذين كانوا يأتون من كل الأنحاء الأوروبية، كما كان يحدث أيام ثورة أولاد سيدي الشيخ التي كان فيها الجيش الفرنسي (الإفريقي) يرتكب الفظائع بقيادة اللقيط يوسف وأمثاله. وصدر سنة ١٨٦٥ قانون يعتبر الجزائريين (رعايا) لا مواطنين فرنسيين إلا إذا تخلوا عن الاحتكام إلى الشريعة الإسلامية. هذه الخلفيات لم كن يعرفها الشيخ محمود، ولكن الشعب كان يعرفها جيدا ويعيشها يوميا. ولذلك كان لا يؤمن بالبهرجة ولا بالحملة التي تصور فرنسا (حانة) وذات قلب رحيم على الجزائريين المساكين.

وقد وظفت السلطات الفرنسية الشيخ محمود أيضا في مناسبة أخرى ليحبذ إجراء الانتخابات في الجزائر على عهد الحاكم العام المارشال ماكماهون. إن كلمة رجال الدين في مثل هذه الأمور (لجديدة) على


(١) المبشر، ٢٥ يوليو، ١٨٦٧. قارن دعوته هذه بما جاء في كتيب المجاوي (إرشاد المتعلمين) المنشور سنة ١٨٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>