للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المحافظة على الأحوال الشخصية. وفي مقابل ذلك يخدم أهل المدن في الجيش الفرنسي. أما الوظيفة العمومية فتبقى مقصورة على المتجنسين فقط من المسلمين (١). ونلاحظ أن الجزء الأول من الاقتراح يكاد يكون هو نفسه الذي تبناه موريس فيوليت بين الحربين واحتضنه ابن جلول وفرحات عباس. ويبدو أن اقتراح بوضربة كان متقدما وتبني المؤتمر الإسلامي له كان متأخرا.

وقد بالغ عمر بوضربة فاستنكر سنة ١٩١١ وجود السلك الديني الإسلامي (الهيئة الدينية)، وقال إن الإدارة الفرنسية تشغله لصالحها لكي تسيطر به على الأهالي. ولعله كان على حق في ذلك. ويبدو أنه كان متحرراه (ولائكيا) أو علمانيا جدا، إذ كانت تلك الظروف تشهد فصل الدين عن الدولة. ولا غرابة في اعتناقه هذا المذهب بالنسبة للإسلام أيضا فقد كان، كما أشرنا ماسونيا أيضا، ومتجنسا. أما من حيث المهنة فقد كان تاجرا. ومهما كان الأمر فقد احتج عليه علماء السلك الديني لأنه نادى بتحرير الأهالي من نفوذهم، لأنهم، في نظره، يعوقون التطور (٢). ولا ندري الآن ما إذا كان يعني رجال الدين مطلقا، بمن فيهم شيوخ الزوايا، أو كان يقصد هيئة الموظفين كالأيمة والحزابين. ذلك أن الهيئة الأخيرة قد فقدت في الواقع كل نفوذ لها على العامة. أما رجال التصوف فما يزال لهم تأثير كبير.

وكان علي بوضربة أحد هذه الأسرة التي ارتبطت بالاندماج. وقد عاش فترة قصيرة من عمره، ولكنه مع ذلك حصل على درجة الدكتوراه في الطب، فكان من النوادر في ذلك بين الجزائريين. وهو ابن محمد بوضربة أخو إسماعيل سابق الذكر، وكان محمد متوليا للفرنسيين خزينة الأوقاف قبل


(١) نفس المصدر، ص ١١١٦. نقلا عن دفتر جول فيري رئيس اللجنة. ولنلاحظ أن المؤتمر الإسلامي قد تبنى المساواة مع بقاء الأحوال الشخصية وليس التجنس، كما جاء في اقتراح بوضربة.
(٢) آجرون (الجزائريون المسلمون)، ٢/ ١٠٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>