يهم الجزائريين عندئذ من تمثيل برلماني وحقوق وضرائب وقوانين استثنائية (الاندجينا). وعند تأسيس نادي صالح باي أصبح من وجوهه إلى جانب ابن الموهوب والفرنسي (أريب). وبعد إعادة تنظيم المدارس الشرعية الثلاث عين مرسلي لإعطاء درس في الصحة العامة لتلاميذ مدرسة قسنطينة. وكان له احترام بين الأهالي رغم أنهم يعتبرونه (مطورني) أو متجنسا، وهو في نظرهم خارج عن الدين الإسلامي. ومن جهته كان يتقرب للأهالي ظاهريا ولكنه في حياته الخاصة، حسب زميله إسماعيل حامد، كان يعيش عيشة فرنسية. وفي سنة ١٩٠٧ ألقى مرسلي كلمة في حفل توزيع الجوائز في مدرسة جول فيري الأهلية بقسنطينة، وهي مدرسة ابتدائية. وقد ألح فيها على مبدأ الاندماج والمشاعر المشتركة التي رسخها، كما قال، الدم المشترك بين الفرنسيين والجزائريين، وهو يقصد الدماء التي سالت منهم في المعارك التي خاضوها من أجل فرنسا مثل حرب القرم والحرب السبعينية وإيطاليا والمكسيك، وخاطب التلاميذ بأن يكونوا أفضل من آبائهم في وضع اليد في اليد (التعاون) مع الفرنسيين للسير قدما إلى مستقبل واحد، وقال:(علينا أن نكون فرنسيين بالمشاعر والقلوب، نحن الذين تربينا على نفس المقاعد كالفرنسيين الصغار).
وقد هنأه الحاضرون على خطابه الناجح في نظرهم، وقالت مجلة العالم الإسلامي أنه من الشخصيات الأهلية الأكثر تعاطفا مع العالم الأوروبي، وكذلك مع العالم الإسلامي. وكان الطيب مرسلي ما يزال إلى سنة ١٩٠٧ يمارس أيضا الطب في المستشفى المدني بقسنطينة (١). وقد عاصر جيلا من القضاة والعلماء في قسنطينة يبدو أنهم قد أثروا على مواقفه، فالمحيط الخارجي له دوره في توجيه الإنسان. فقد كانت قسنطينة على عهده تعيش على أفكار المجاوي وتلاميذه، وحميدة بن باديس، وحمدان الونيسي
(١) إسماعيل حامد في (مجلة العالم الإسلامي) نوفمبر - ديسمبر ١٩٠٧، ص ٤٩٤ - ٤٩٥، نقلا عن جريدة (الجمهوري القسنطيني)، عدد ١٨ أكتوبر ١٩٠٧. انظر أيضا آلان كريستلو (المحاكم ...)، مرجع سابق، ص ٢٣٩.