للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكنه يقول إن معاملة الفرنسيين للأهالي على نفس الوتيرة والحكم عليهم بالجملة خطأ فادح. ودعا إلى ضرورة التفريق بين معاملة أهل المدن وغيرهم، سيما المدن ذات الحضارة والعراقة مثل تلمسان. وفي نظره أن على الفرنسيين أن يعاملوا أهل المدن معاملة خاصة تضمن لهم الأمن والاستقرار. ذلك أنه عن طريق هذه المدن سيقع التأثير على بقية السكان ويقع التأثير الحضاري الفرنسي ويشيع الرخاء، وبذلك تتفادى فرنسا مستقبلا مجهولا. قد تكون فيه المغامرة.

ولا ندري إن كان ابن علي فخار متأثرا، أيضا بنظرية دورخايم السائدة عندئذ، ولكنه أعطى أهمية للمجتمع المدني حيث التقاليد والإطارات الخاضعة للشروط الاقتصادية، وهي شروط تجعلها مجتمعات ثابتة على الأرض، ولا نتاج إلا إلى الأمن والضمانات البشرية، وإذا تحقق هذا فإن أهل هذه المدن سيتقربون من الأوروبيين (الفرنسيين) لتبادل المصالح والمنافع. وفي رأيه أن معاملة سكان المدن على قدم المساواة يتماشى مع طبيعة الأشياء نفسها، أما مساواة خمسة ملايين مسلم جزائري في المعاملات السياسية والأحكام فإنه يدل على جهل الخلاف العميق الذي يفرق بينهم (١).

هذه هي أطروحة ابن علي فخار، فهي تقوم على أن أهل المدن أقرب إلى التعايش مع الفرنسيين والاختلاط معهم والاندماج الاجتماعي والاقتصادي فيهم من مجتمع الريف المتخلف وغير المستقر، بينما أمثال إسماعيل حامد وابن التهامي يدعون إلى نخبة الثقافة الفرنسية المتميزة عن غيرها من المتعلمين، بل من الجزائريين بشكل عام. ونحن لا نستطيع إلا أن نصف ابن علي فخار في دعاة الاندماج لأنه لا يقول بالهوية الجزائرية المتميزة عن الهوية الفرنسية.


(١) ابن علي فخار (تلمسان) في (مجلة العالم الإسلامي) يوليو - غشت، ١٩٠٩، ص ٤٣٣ - ٤٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>