للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخوض معركة التعليم وتنقية الإسلام من شوائب التخلف. فقد كان أحمد، حسب بعض الكتاب، ضد دعاة الاندماج مع الفرنسيين، وكان من المتجنسين أيضا (١). وهو رأي غريب في ظل ما عرفناه عن صاحبه.

ومن جهة أخرى ترك أحمد بن بريهمات إبنا سار على منواله في الظاهر، على الأقل في الازدواج الثقافي، وهو زروق الذي أصبح من أطباء العاصمة في أول هذا القرن. وكان يكتب مقالات في جريدة كوكب أفريقية حول صحة العائلات الجزائرية (٢).

مجذوب بن قلفاط: وتكاد سيرة أحمد بن بريهمات تنطبق على سيرة مجدوب بن قلفاط ما عدا أن هذا من نواحي قسنطينة والآخر من العاصمة. كلاهما اشتغل بالترجمة أيضا ونشر ابن قلفاط ترجمة بالعربية الدارجة من حكايات فرنسية. وقد تعرضنا إلى ذلك (٣). وخاض ابن قلفاط أيضا في مسألة التعليم الأهلي والاندماج الحضاري. ونشر كراسة في نفس الموضوع حوالي ١٨٨٣. وقد هاجم فيها المتعصبين الذين لا يؤمنون بإرسال أولادهم إلى المدارس الفرنسية خوفا عليهم من الأثر الفرنسي الديني. ودعا بصراحة إلى أن تقوم الحكومة (بافتكاك) الأبناء من أهلهم وإجبارهم على التعلم في مدرستها لأن هؤلاء الأهل لا يعرفون منافع الحضارة الفرنسية. ومن رأيه أن التعلم سيجعل العربي إنسانا مستنيرا ومتخلقا، كما أنه سيجعله (فرنسيا) صالحا، وعلى هذا التعلم أن يكون عميقا لكي يغير الأفكار جذريا، وليس مجرد تعلم للقراءة والكتابة. ولا يكون ذلك إلا بدراسة التاريخ والجغرافية. ونفهم أن ابن قلفاط كان أيضا من أنصار التعليم اللائكي (العلماني) من قوله بتعلم (الأخلاق المتحررة من الأفكار الدينية الضيقة والمتحيزة) بل إننا نفهم


(١) انظر مقالة رشيد بن شنب عن زيارة الشيخ عبده للجزائر في مجلة ستوديا إسلاميكا (الدراسات الإسلامية)، مجلد ٥٣ (١٩٨١)، ص ١٣٢.
(٢) انظر مجلة العالم الإسلامي، أبريل ١٩٠٩، ص ٤٤٤، وكذلك رسالة الباحث عبد المجيد بن عدة (جامعة الجزائر).
(٣) قسنطينة ١٨٩٠، ١٧٥ صفحة، انظر ما سبق.

<<  <  ج: ص:  >  >>