أنه كان من المتجنسين، وذلك لأنه يميز بين (معلمينا)(الفرنسيين؟) و (مؤدبيهم)(الأهالي). ومهما كان الأمر فإنه دعا إلى أن يكون المعلمون من المسلمين لكي يزول خوف الأهالي على أطفالهم من التنصير إذا كان المعلمون فرنسيين.
وقد كشف ابن قلفاط على أن هناك أسبابا أخرى وراء عدم إرسال الأهالي أطفالهم إلى المدارس الفرنسية. فهو يذكر أن منها الخوف من انقاد الجيران، سيما في الأرياف، وشعور كل مسلم بضرورة حفظ القرآن الكريم. ومن رأيه أن إجبارية التعليم ستزيل التحفظ الأول، وأن إنشاء مدارس بنصف الوقت (صباحا للزاوية الأهلية ومساء للمدرسة الفرنسية) سيحل التحفظ الثاني. ورغم دعوته إلى التعليم الحر فإنه رأى عدم التعجل بإلغاء تعليم الزوايا، ورأى أن ذلك لا يكون إلا إذا أصبح في كل مدرسة فرنسية إمام ملحق بها يتولى التعليم الديني (١). ولعل لابن قلفاط آراء أخرى في الحضارة والحياة لم نطلع عليها. ولكن ما عرفناه منه يجعله من الفئة الاندماجية، أمثال أحمد بن بريهمات.
...
قلنا إن ظاهرة ابن حمودة غير شاذة، ولكن العجب أنها لم تأت ممن تعلم فقط بالفرنسية بل جاءت من مزدوج اللغة، وكان أمثاله هم الذين يعينهم الفرنسيون قضاة ومدرسيين ليحكموا بين الناس ويعلموهم شؤون دينهم الإسلامي. وماذا نقول في الأستاذ الجزائري الذي يتغنى بالراية الفرنسية المثلثة التي يسميها (البيرق) ويقول مخاطبا، لها (بك أيها البيرق يعرف حب الوطن ...) أن هذا الكلام قاله محمد بن العربي التلمساني، وليس ابن حمودة. وقد ثنى عليه أيضا مصطفى الجزائري (؟) الذي يصف الجنود الفرنسيين (بالأبطال الأسود). إن هذين الشخصين كلاهما كتب ما كتب من
(١) قنان، (نصوص)، ص ١٩٤ - ١٩٦. والكراسة في ١٢ صفحة بالفرنسية، وتاريخها حوالي ١٨٨٣.