للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طنجة حيث كان مدرسا في المدرسة العربية - الفرنسية هناك. وكلاهما كان يتغنى بالجيش والراية الفرنسية سنة ١٩١٦ (١). إن المرء عندما يقرأ مثل هذا الكلام ويطلع على مواقف أصحابه يدرك لماذا اعترف أوغسطين يرك أن فرنسا كانت تضع في مدارسها ومساجدها جواسيس ومخبرين، وليس أيمة ومدرسين.

إن الأمثلة كثيرة على ميلاد الفئة الاندماجية المستغربة والمتفرنسة. بدأت الدعوة محايدة تدعو إلى العلم دون معرفة الخلفيات، وبدت معجبة ومبهورة بالتقدم الفرنسي دون أن تعرف المسخ الذي حدث لها ولا أن تحدد موقفها من التاريخ والمستقبل، ثم ازداد الانبهار والاختلاط وكثر العدد وتجاوبت الأصداء، فجاهرت الفئة بأنها تمثل شريحة اجتماعية مستعدة للاندماج دون انتظار للحاق الآخرين. وكان عليها منذ العشرية الأولى لهذا القرن أن تفرض وجودها أمام تحدي النخبة الحقيقية المتعلمة والمؤمنة بالتقدم مع التمسك بالثوابت والأصول أيضا. وبعد تسييس الصراع وتحزيبه بين الحربين لبست الفئة الاندماجية المستغربة لباسين: أحدهما سكوني اندماجي، يضم المتجنسين منهم خاصة، وثانيهما حركي اندماجي أيضا ولكن غير متجنس. ولعل خير من يمثل الأول هو ربيع الزناتي، وخير من يمثل الثاني هو الدكتور محمد الصالح بن جلول (٢). وإذا كان الدكتور ابن جلول معروفا لمن درس قليلا من تاريخ الحركة الوطنية خلال العشرينات والثلاثينات، فإن الزناتي غير معروف إلا لعدد قليل من الناس اليوم.

...

ربيع الزناتي: عرف اسم الزناتي كمعلم وصحفي خلال عقدين من الزمن على الأقل. وعاصر أبرز أحداث الجزائر كين الحربين: حركة الأمير خالد، وميلاد النجم، وميلاد هيئة النواب، والاحتفال المئوي، وميلاد


(١) مجلة العالم الإسلامي، ١٩١٦، ص ٦٧، ٣٥٢.
(٢) انظر كتابنا الحركة الوطنية، ج ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>