للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسحوقين وفي حاجة إلى من يسمع صوتهم للسلطات الفرنسية وللعالم، وإلى من يفهمهم حقوقهم الضائعة المسلوبة، ويدافع عنها ضد غاصبيها. ولكن هل الزناتي وفئته المستغربة كانوا مؤهلين للقيام بهذا الدور؟ يبدو أن الأمر ليس كذلك. فقد كان الزناتي يدافع عن حقوق فئته، ويدعو إلى الاندماج (الاتحاد) المنشود، ويهاجم خصوم فئته. تقول عنه (أفريقية الفرنسية): إن الزناتي قد شارك في الحياة السياسية في ولاية قسنطينة بل في الجزائر كلها. ودعا إلى الاندماج وأعلن أنه بطل المنتخبين (بالفتح) الذين يسايرون هذا المنهج. وقد انسحب منهم يوم أن حاول بعضهم الانحراف عن البرنامج المسطر للاندماج (١). كما أن الزناتي جعل افتتاحية العدد الأول من جريدته بعنوان (يجب أن تصبح الجزائر فرنسية).

كان الزناتي إذن يجمع السياسة إلى الصحافة. وكان يخوض المعارك الحزبية والفكرية ضد خصومه. واستمر على ذلك بعد تقاعده. وتقول (افريقية الفرنسية) إن الأفكار العزيزة على نفسه والتي ظل يدافع عنها هي (الاتحاد الفرنسي - الإسلامي) من خلال جريدته. وأخبرتنا أنه لم يستطع أن يظل بعيدا عن السياسة، لأن معرفته العميقة بالمشاكل الجزائرية وثقافته الفرنسية (ذات اللغة العملية) وصلته بالتعليم الذي نور ذهنه وأدخله إلى أعماق النفس المحلية، قد جعلته يعالج الموضوع باستقلال، هادفا إلى تحقيق الاتحاد الفرنسي - الإسلامي الذي كرس له كل حياته.

وفي سنة ١٩٣٨ نشرت (أفرقية الفرنسية) سلسلة مقالات هي فصول كتاب الزناتي المسمى (المشكل الجزائري كما يراه أحد الأهالي). واعتبرت الكتاب وثيقة تاريخية وشهادة، لأنه تعرض فيه إلى التاريخ، وسياسة


(١) لعل المقصود بذلك ابن جلول وفرحات عباس، لأن كل واحد منهما كون حزبا سنة ١٩٣٧. انظر الحركة الوطنية. ج ٣. ويضاف إلى ربيع الزناتي مجموعة أخرى من الاندماجيين وهم: بلحاج الذي كان أستاذا للشريعة في مدرسة الجزائر، وقد لعب دورا بارزا في المؤتمر الاسلامي، سنة ١٩٣٦، ثم ايبازيزن بلقاسم، وسعيد الفاسي، وزنتور، والدكتور ابن التهامي، والحاج حمو عبد القادر (عبد القادر فكري).

<<  <  ج: ص:  >  >>