للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن الواضح أن مصطلح النخبة الاندماجية لا يشمل كل من درس في المدارس الفرنسية فما بالك من درس في المدرسة الشرعية الرسمية (المزدوجة). وقد أشار مالك بن نبي وعلي مراد وغيرهما إلى بعض الأمثلة التي كان فيها المتخرجون تقليديين، ومضادين للاندماج، ومنهم من بحث عن البديل الفكري في الجامعة الإسلامية والتيار القومي العربي، ومن ثمة الحركة الإصلاحية والتوجه السياسي الوطني. ويذكر علي مراد أن عددا كبيرا من المعلمين بقوا محافظين على ملابسهم التقليدية إلى آخر ١٩٣٩ تحديا للمظاهر الفرنسية المفروضة. ولعل هذا الوصف يصدق أكثر على خريجي المدارس الشرعية الرسمية. ونحن نجد أمثلة على ذلك في مذكرات ابن نبي وهو أحد الخريجين من هذه المدارس (١).

...

ومنذ الحرب الثانية انجحرت حركة الاستغراب وانكشف أمرها، وكان عليها أن تغير جلدها أو تموت، والعوامل التي أدت إلى انجحارها هي انقسامها على نفسها وخروج فرحات عباس وأنصاره الذين تحولوا من الاندماج الكلي إلى نوع من الاندماج السياسي، سيما منذ ١٩٤٣. وكان ظهور (حزب الشعب) قد كشف عن المنحرفين وضم إلى صفوفه عددا من المتعلمين بالفرنسية مما أصبح يعني أن الفرنسة لا تعني الاندماج دائما، بل تخدم أيضا الفكر الوطني السياسي عند البعض. ولكن الذي قصم ظهر حركة الاستغراب هو الحركة الاصلاحية التي كشفت عن هوية المجتمع الجزائري ودافعت عنها وصقلتها، وقدمتها في الصحافة والخطب والأناشيد والكتب فاهتدى بها من اهتدى وبقي الضالون قلة متوارية لا تجروء على المواجهة إلا في حالة غفلة شعبية، كما حدث بعد الاستقلال.

ولكن هل يعني هذا أن حركة الاندماج قد انتهت؟ إن الثورة قد أدت


(١) علي مراد (الإصلاح الإسلامي)، ص ٤٩. ومالك بن نبي (المذكرات: الطفل) مرجع سابق، ص ٥٢، ١٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>