للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو في الدم الآري، كما يحلو لبعضهم أن يقول.

وهناك وسائل أخرى عديدة للهيمنة الاستعمارية في الجزائر. فالاحتلال استتب بالتدرج وأخذ يبحث عن وسائل الدوام. ومنها إبعاد العرب والمسلمين عن ديارهم وأراضيهم والرمي بهم في مجاهل الصحراء، أو في شواهق الجبال الجرداء، ثم أخذ الفرنسيون يتحدون الجزائريين بأنهم غير محتلين وإنما هم في بلادهم، بلاد أجدادهم الرومان القدماء، وكانوا يواجهون الجزائريين بهذه المقولة المتكررة: إننا نحن أصحاب السيادة، والسيادة يجب أن تكون كاملة، في اللغة والسياسة والاقتصاد والمنازل والمطاعم والحكم الخ. وعندما رفض الجزائريون هذا المنطق أصدر الفرنسيون لهم قوانين (الأندجينا)، أو قانون الأهالي الخاص بأنواع العقوبات الصارمة على مجموعة من الجنايات (الجرائم؟)، بما في ذلك العقوبة الجماعية. وواضح أن التسمية نفسها آتية من (الأندجينا) التي تترجم إلى أهلي، وهي ترجمة متسامحة، لأن غرض الفرنسيين من تسمية الجزائريين (بالأندجين) هو الحط الشنيع من قيمتهم، فهم دون الرعية (١) ودون المواطنين. فمعنى الأندجين هو (الساكن الأصلي المتخلف) ومعنى (الأندجينا) حينئذ هو مجموعة القوانين والإجراءات التعسفية الاستثنائية الموجهة ضد السكان الأصليين المتخلفين (٢). وكان هذا (الكود) يضم ٤١ مخالفة أو جناية لا تطبق إلا على الجزائريين. وكانت هذه الإجراءات مطبقة عشوائيا عليهم منذ الاحتلال، ولكن ابتداء من ١٨٨١ صدرت في شكل إجراءات استثنائية.

ثم كانت المدرسة من أهم وسائل الهيمنة الاستعمارية. وقد تحدثنا عن


(١) كلمة (الرعية) في الحضارة الإسلامية لها معنى شريف، فهي تستعمل فقط في مقابلة الراعي أو المسؤول، فالرعية تعني المواطن.
(٢) أول القوانين الخاصة بذلك صدرت في ٢٨ جوان ١٨٨١ ثم استمر المشرع الفرنسي يضيف إليها حتى وصلت إلى ٤١ جناية، كما ذكرنا، وقد استمر العمل بها إلى ما بعد ١٩٣٠ في أشكال أخرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>