العسكرية ومجزرة غار الظهرة الشهيرة (سنة ١٨٤٥)، والقضاء على مقاومة الأمير عبد القادر، وذلك تحت غطاء نشر الحضارة الأوروبية والمسيحية وتحرير العبيد والتوسع الفرنسي القومي باسم الفكر الليبرالي، ولكنه نادى بالأخذ بيد الجزائريين (البدائيين) لا ليكونوا فرنسيين ولكن ليكونوا كالفرنسيين.
وبينما نجد دي طوكفيل يقول إن فرنسا قد التزمت للجزائريين بعدة التزامات وعليها أن تحافظ على عهدها. نجده تارة أخرى يقول إن فرنسا قد ارتكبت في وقت السلم ضدهم ما لم ترتكبه في وقت الحرب. في المرة الأولى قال إنها التزمت بعدم المساس بدينهم، وأنها كافأت من حاربها منهم بتوظيفه ومنحه الأوسمة والضيافة، وأنها منحت لهم الأرض الخصبة التي كانت للدولة بدل منحها للأوروبيين، وحملتهم إلى الحج على سفنها وعلى حسابها. أما في المرة الثانية فقد قال إن المدن الجزائرية قد غزتها الإدارة أكثر مما غزاها الجيش، وأن عددا من الأملاك الخاصة قد خربت ونهبت أثناء السلم، وأن كثيرا من الوثائق التمليكية قد طلبتها الإدارة من أصحابها للتأكد من التملك ولكنها لم ترجعها إليهم أبدا. وأعلن أن الأراضي الخصبة التي كان يملكها الجزائريون حول العاصمة قد انتزعت منهم وأعطيت إلى الكولون الذين لا يريدون أو لا يستطيعون زراعتها بأنفسهم فسلموها بدورهم إلى أصحابها الأصليين ليعملوا كأجراء على أرض هي في الواقع ملك لأجدادهم. وأخبر أن هناك قبائل لم تحارب الفرنسيين ومع ذلك انتزعت منها أراضيها الخصبة وأجبرت على الخروج من منطقتها، وأن الفرنسيين قبلوا بشروط لم ينجزوها ووعدوا بتعويضات لم يحققوها، وحكم بأن ذلك قد أدى إلى أن يعاني (الشرف) الفرنسي قبل أن تعاني مصالح الأهالي.
وفي نظر دي طوكفيل أن المجتمع الجزائري كان نصف متحضر، وأن له حضارة متخلفة وغير متقنة، والدليل على ذلك أنه كان يتمتع بمؤسسات كثيرة، خيرية وتعليمية، كان هدفها سد الحاجات الاجتماعية وخدمة التعليم