للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي حديث عن التاريخ والفن القديم لوح أوغسطين بيرك سنة ١٩٣٧ بغصن الزيتون الفرنسي واعتبر أن (بلاد البربر) قد هاجرت طويلا في عالم الشرق ثم رجعت إلى حضن الفرنسة وريثة الرومنة، وهو حضن الصداقة الفرنسية الدافئ. وقد وضع عناوين لكتابه على هذا النحو: بلاد البربر تحت وصاية الشرق (وهو العهد الإسلامي الأول)، وبلاد البربر تتحرر من الشرق (عهد بني هلال والمرابطين والموحدين)، .. ثم الجزائر التركية (المفروض أن يقول: عهد الرجوع إلى الشرق)، ولكن المهم هو أن بيرك يسمي الاحتلال الفرنسي: مائة عام من الصداقة الفرنسية!.

وفي خطاب (ميلودرامي) يوجهه لصديقه الخيالي (محند) الذي يسميه (صديقي العربي - البربري) قال بيرك: وجدتك راعيا وعاملا تحت السلام الروماني، ومهيمنا أثناء الممالك البربرية، ومستعدا للهلاليين والمرابطين والموحدين والزيانيين والأتراك، ورأيتك أثناء هذه الرحلة قليل الأفراح كثير الدموع متألما من الاستعباد (!)، ورأيتك على طول هذه العصور مكبلا لخدمة الأرض والمناخ والتاريخ. ثم يصل أوغسطين بيرك إلى نقطة الهدف عنده عندما يقول إلى صديقه (محند) إنه رآه في الجزائر الفرنسية سنة ١٩٣٧: مرفوع الجبين متوقد النظرات عريض الصدر بأنفاس جديدة، وأنت قادم علي بثقة راسخة بنتها مائة سنة من الصداقة الفرنسية المشتركة (١).

ترى كيف قامت هذه (الصداقة) (الاحتلال)؟ إن بيرك لا يكتب من الخيال، إنه قد عاش ربع قرن في إدارة الشؤون الأهلية، وهو يعرف ما حدث وماذا يقول. ومع ذلك نجده يحول الليل إلى نهار ويغرق في الميتافيزيقيا والتجريدات. فقد عدد لصديقه الخيالي (محند) كم تغير الحال من ذلك الماضي الحزين فى نظره عندما كانت الجزائر تحت وصاية الشرق، وعندما


(١) أوغسطين بيرك (الجزائر بلاد الفن والتاريخ)، ١٩٣٧، ص ٢٦١. وهو كتاب نشر بإشراف الحكومة العامة بالجزائر.
أوغسطين بيرك (الجزائر بلاد الفن والتاريخ)، ١٩٣٧، ص ٢٦١. وهو كتاب نشر بإشراف الحكومة العامة بالجزائر.

<<  <  ج: ص:  >  >>