للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفرنسيين) والانفتاح على آمال مشتركة (١).

إن رومانتيكية أوغسطين بيرك كانت بدون حدود وهو يخاطب صديقه الخيالي (محند). فبعد أن قلب حقائق عديدة كتسمية الاحتلال صداقة، والحالة المدنية سيكولوجية فردية، واغتصاب الأرض تخلصا من العرش والقبيلة، والخدمة العسكرية انفتاحا ... بعد ذلك كله، ذهب يدعو محند - ذلك الآغا الفارس الوارث الألقاب مجيدة، وذلك المرابط العصري من أمثال الشيخ ابن عليوة، وذلك الفنان العبقري أمثال راسم - إلى إزالة ما بقي عنده من تردد نحو الفرنسيين. (عليك أن تربط مصيرك بمصيرنا، وأن تساهم في المشروع الذي وضعه الحاكم العام (٢) الحريص على مصلحتك .. إن مصيرنا مشترك منذ عهد الغولوا Gaulois، ومنذ صرخ الفارس الفرنسي وهو يغرز خنجره على مدخل باب عزون، إننا سنعود!.

هذا إذن هو المصير الذي كان بيرك يحاول أن يأخذ بيد صديقه محند إليه منذ بدأ عهد الاحتلال، العهد الذي تحررت فيه الجزائر من وصاية الشرق ودخلت، بفضل فرنسا وصرخة فارسها المجهول، تحت وصاية الغرب وبالخصوص تحت مظلة سكان بلاد الغال (الغولوا) (٣)، حيث تفقد الجزائر هويتها وتندمج اندماجا كليا في شعب آخر فرض نفسه عليها بمختلف الوسائل، حتى الميكيافيللية، كما قال لويس فينيون.

ونفس النغمة رددها عالم فرنسي آخر لا يقل أهمية عن بيرك، وهو لويس ماسينيون، صاحب الأنشطة الاستشراقية المعروفة. ففي ١٩٤٧ أعلن ماسينيون أن الحل لمشكل الجزائر هو الاندماج في ظل الإخلاص والعدالة


(١) بيرك، مرجع سابق، ص ٢٦٢. رغم أن كتاب بيرك كان عن الفن الجزائري، فإنه تحدث فيه عن المعالم الإسلامية في مختلف العهود كالمساجد، ولكنه لم يذكر ولو مسجدا واحدا يرجع إلى العهد الفرنسي. بينما ركز في هذا العهد على الزرابي والطرز ... وهي فنون استعملها الفرنسيون للتجارة لا للفن والعبادة.
(٢) عندئذ (١٩٣٧) كان الحاكم العام هو لوبو Le Beau .
(٣) بيرك، مرجع سابق، ص ٢٦٥. والغولوا، هم سكان فرنسا القديمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>