للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عند التطبيق، وعبر عن إعجابه بقانون الجزائر الذي صدر في تلك السنة والذي كان يهدف إلى تكريس الاندماج، وهو يعني طبعا فقدان الجزائر لهويتها. ولماذا الاندماج في نظر ماسينيون؟ إن كثرة أعداد الكولون منع من حدوث الانفصال بين الجزائر وفرنسا، وهو مطلب بعض الوطنيين المسلمين، حسب تعبيره، ثم إن الدماء الجزائرية والفرنسية قد امتزجت في المعارك خلال حروب فرنسا الثلاث (١٨٧٠، ١٩١٤، ١٩٣٩). ومن جهة أخرى رأى ماسينيون أن القطيعة قد وقعت بين إطارات الماضي (جيل النخب الأهلية) التي كانت موجودة سنة ١٨٣٠ وبين إطارات الحاضر التي تكونت في العهد الفرنسي (١). ولذلك أصبحت الأرض ممهدة للاندماج في الحياة والمجتمع الفرنسي (٢).

والغريب أن ماسينيون الذي قضى قرابة أربعين سنة عندئذ في خدمة الاستشراق ينتهي إلى هذا الحل. فهل كانت رؤيته قصيرة إلى هذا الحد؟ لعله كان يكتفي بقراءة الصحف الاستعمارية ونصوص التشريعات الفرنسية، ولم يختلط أو يقرأ الصحف الوطنية ولا آمال الجماهير والشباب الصاعد الذي كان يطمح إلى الحرية والاستقلال بقطع النظر عن كثرة الكولون وغياب إطارات ١٨٣٠. وهو يعلم أيضا أن قانون ١٩٤٧ لم يطبق وبقي حبرا على ورق في معظم أجزائه. ولا ندري كيف يتحدث ماسينيون عن الاندماج بعد أحداث ١٩٤٥ وآثار الحرب العالمية الثانية التي منها ميلاد الجامعة العربية ومنظمة الأمم المتحدة والحرب الباردة وظهور حركات التحرر من الاستعمار في آسيا وإفريقيا.

...

أما عن رأي الجزائريين في الاحتلال الفرنسي فهو موجود في الكتابات والعرائض والصحف والرسائل والخطب والأعمال التي قاموا بها أفرادا وجماعات وأحزابا منذ ١٨٣٠. وكانت الثورات تعبيرا آخر على هذا


(١) انظر عن ذلك بحثنا (آخر الأعيان أو نهاية الأرستقراطية العربية في الجزائر). وقد صدر في مجلة (المنارة) التي تصدر عن جامعة آل البيت - الأردن.
(٢) لويس ماسينيون، حولية العالم الإسلامى Annuaire، ١٩٥٥، باريس، ٢٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>