الاحتلال، وكذلك الحركات المنظمة في أحزاب وجمعيات خلال القرن الحالي. فمطالبها مدروسة ومفصلة في مختلف الدراسات ومنها بعض كتبنا. وكان آخر رفض لأكذوبة الصداقة الفرنسية التي تغنى بها أوغسطين بيرك وأمثاله هو ثورة نوفمبر ١٩٥٤. إن من يرجع إلى كتابات حمدان خوجة وخطب الأمير عبد القادر وأوامر أحمد باي وإعلانات الجهاد في الثورات العديدة، وعرائض أعيان المدن، وكتابات رجال الإصلاح، وصحف الأحزاب الوطنية، سيجدها معبرة أصدق تعبير عن رأي (الأهالي) في الاحتلال الفرنسي لبلادهم. ولكن بعض الجزائريين ضربوا أيضا على وتر الاندماج، سيما من الفئة التي سماها الفرنسيون أنفسهم تارة بالنخبة وتارة بالمتطورة، ولكن حجم هذه الفئة كان ضئيلا، ومعظمهم كانوا من المتجنسين بالجنسية الفرنسية أو ممن تزوجوا من فرنسيات. ولا نكاد نجد كاتبا تكون في مدرسة عربية/ إسلامية، ثم نادى بالاندماج.
أما الباحثون الفرنسيون فقد نسبوا إلى جزائريين مجهولين قولهم إن الاحتلال كان قضاء وقدرا. وطالما ذكر علماء اللغة وعلم الإنسان (الأنثروبولوجيا) أنهم عثروا في أقوال بعض الدراويش والأولياء ما يدل على أن الجزائر سيحتلها بنو الأصفر، أحفاد الروم، لظلم حكامها وجورهم وخروجهم عن جادة الدين الإسلامي ورضاهم بالفساد. وقد أعجب الفرنسيون بهذه الأقاويل والتنبؤات وراحوا يروجونها في كتاباتهم، لأنها كانت تخدم مصالحهم ومخططاتهم. وقد نسبوا أقوالا من ذلك إلى الحاج عيسى دفين الأغواط، وإلى الشيخ أحمد بن يوسف دفين مليانة، وغيرهما. ومنها ما ذكره السيد ليون رينييه من أن أحد المرابطين فى الأوراس، اسمه سي محمد بوقرانة، شيخ بلدة زانة، قد وجده وسط بعض الآثار وهو يسجل الكتابات والنقوش، فسأله المرابط: هل تفهم هذه الكتابات؟ فأجابه رينييه بأنه يفهمها ويكتبها أيضا، وأن حروفها هي حروف اللغة الفرنسية، فالتفت الشيخ بوقرانة إلى من معه من العرب قائلا: انظروا، أن الروم (الفرنسيين) هم أبناء الرومان، وهم عندما احتلوا هذه البلاد فإنما أخذوا