للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وارنييه لكتابه، فرقتان واحدة من الفرسان العرب والثانية من الرماة (التوركو) من البربر. وقال وارنييه إن الأولى مجندة من الخيام الأرستقراطية العربية، والثانية من الجماعات الديموقراطية البربرية. وقد نجحت فرقة (التوركو) في حرب القرم وفي إيطاليا وفي السينيغال والهند الصينية والمكسيك. وكلما كانت المسافة أبعد في المغامرة والحرب كلما وجد الفرنسيون الإرادة والاستعداد للسير وراء العلم الفرنسي من الفرقة الأخيرة (التوركو). أما فرقة الفرسان العرب فقد أرسلتها فرنسا إلى حرب القرم شرفيا فقط ثم أعادتها بسرعة، ثم استدعيت إلى باريس ١٨٦٤ وعوملت معاملة محترمة جدا، ثم وقع التراجع عن ذلك في المرة الثانية. ومن رأي وارنييه أن الجندي البربري جندي كامل، أما الجندي العربي فهو واسطة بين الدركي والحرس الوطني، لأن من طبيعته أيضا عدم الابتعاد عن نسائه وقبيلته وماشيته. ولذلك سمح بأن تجند فرنسا الفرسان أيضا من البربر لأنهم قادرون على الحرب في كل الظروف. وتجنيد البحارة منهم أيضا لأنهم عرفوا البحر من قديم، أما العربي فلا يعرفي البحر (!)، وهو ضد الحضارة الفرنسية ومتباعد عن الفرنسيين (١).

والقياس عند الفرنسيين هو مدى الاستعداد لقبول التقدم والتفتح على الحضارة الفرنسية. فالأمير عبد القادر اعتبره وارنييه بربري الأصل، بناء على هذا المقياس. وروى د. وارنييه أنه سمع الأمير يقول عند بناء مدينة تاقدامت، إنه كان يعيد بناءها لأن أحد أجداده (يعني عبد الرحمن بن رستم) قد حكم في تيهرت (٢)، وكان الأمير يعرف أن أجداده من البربر. ولذلك عرف كيف يجند البربر تحت لوائه. وذهب وارنييه، تمشيا مع مبدئه في الربط بين المسيحية والرومنة والفرنسة، إلى أن أجداد الأمير كانوا أيضا مسيحيين قبل الإسلام، وفسر تدخله في أزمة بلاد


(١) د. وارنييه، مرجع سابق، ص ٣٨، ٤٠ - ٤١.
(٢) إذا صح أن الأمير صرح بذلك، فإنه يعني أجداده المسلمين، ذلك أن ابن رستم لم يكن عربيا ولا بربريا وإنما كان أميرا مسلما. فانظر إلى أي حد كان د. وارنييه يحاول أن يقنع البلهاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>