للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تخرجوا من المدارس الفرنسية، فهم ليسوا ضد العلم وليسوا ضد اللغة الفرنسية وإنما كانوا يطالبون باحترام اللغة العربية ونشر التعليم بها. وقالوا إن تجربة إجبارية التعليم قصيرة المدى، وإن أبناءهم كانوا يذهبون إلى المدارس الفرنسية (خلال الستينات) بدون عقدة، وهم يعتزون أيضا بأن لديهم قابلية للتعلم وكسب المعارف الفرنسية، خلافا لما كان يشيعه أعداؤهم من أنهم يعارضون التعلم وليس لهم قابلية في ذلك.

ومن الملفت للنظر حقا، أن جماعة قسنطينة نبهت الفرنسيين إلى (أننا كنا معلمي أوروبا)، ولكن الزمن دار دورته. وهذا لا يمنع من المطالبة بإنشاء المدارس بالعربية لأن ذلك سيكون أفضل لأبنائهم، ولأن ذلك أحفظ للغتهم وأصولهم ودينهم. ونحن نفهم من هذا أن أعيان قسنطينة لم يكونوا ضد اللغة الفرنسية ولكن مع التعلم باللغة العربية أيضا، وهم يخافون على أبنائهم ليس من اللغة في حد ذاتها ولكن من برامجها وأفكار أهلها (١).

وفي الوقت الذي انطلقت فيه الدعوة للتعلم، ولا سيما بالعربية، نشر محمد بن أبي شنب بحثين مترجمين عما ألفه المسلمون حول تعلم الأطفال. النص الأول غير منسوب ولكنه لمؤلف من المغرب الأقصى يرجع إلى القرن ١٨. وربما يكون هذا العمل هو أول ما نشر ابن شنب في المجلة الإفريقية. وقد نشر النص العربي مع الترجمة الفرنسية ومقدمة تحدث فيها عن التربية عند المسلمين، وقال إن الإسلام ليس عدوا للتعليم كما يدعي البعض، وهو بذلك يرد على من كان يقول بذلك من الباحثين الفرنسيين والصحفيين والكولون. ويفهم من نشر النص عندئذ أن ابن شنب كان يحث الجزائريين على التعلم طبقا لتعاليم الإسلام، ذلك أن الإسلام، كما قال ابن شنب، يوجب على الإنسان أن يتعلم، ولكن هذا التعلم له هدف


(١) عريضة مقالة غريق أو (شكاية)، قسنطينة، ١٨٩١، وهي على لسان أعيان بعض البلديات. انظر قنان (نصوص سياسية)، ٢٣٠.
عريضة مقالة غريق أو (شكاية)، قسنطينة، ١٨٩١، وهي على لسان أعيان بعض البلديات. انظر قنان (نصوص سياسية)، ٢٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>