للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مهنة والمولود بن الموهوب، وفي تلمسان شعيب بن علي وبوعلي الغوثي ومحمد بن عبد الرحمن. وفي بعض الزوايا شارك فيها أمثال أبي القاسم البوجليلي ومحمد بن بلقاسم الهاملي ومحمد بن عبد الرحمن الديسي وعاشور الخنقي. وفي ميزاب أمثال محمد بن يوسف أطفيش. إن هؤلاء كانوا يدرسون بالعربية وكانوا يدعون إلى التعلم. وكانوا روادا لحركة الإصلاح التي ظهرت وأينعت على يد الشيخ عبد الحميد بن باديس.

وقد استمر رجال الإصلاح على ذلك النهج. فدعوا إلى التعلم بصفة عامة. ولكنهم كرسوا جهودهم لخدمة اللغة العربية على أساس أن التعليم بالفرنسية قد تولته الإدارة نفسها. وحدثت منافسة شديدة بين الطرفين أفادت الجزائر كلها في النهاية. فقد كان كل طرف يريد أن يظفر بالتلاميذ ويعلمهم أكثر من صاحبه وبطريقة أفضل من غيره، مع التنافس أيضا في الأهداف الوطنية والسياسية لكل طرف. وقد وصل التنافس إلى الحد الذي أصبح فيه التلميذ يقرأ أربع عشرة ساعة خلال الـ ٢٤ ساعة في كلتا المدرستين (العربية والفرنسية).

والملفت للنظر أنه بينما كانت جمعية العلماء تعلم بالعربية فقط وتطالب بحرية التعليم بها وبترسيمها كانت لا تمانع في أن يتعلم أبناء الجزائر باللغة الفرنسية أيضا، بل كانت تعتبرها من العلوم (الآلية) التي يحتاجها المواطن في حياته. ولذلك رأينا رجال الجمعية أنفسهم يرسلون أبناءهم إلى المدارس الفرنسية، وهكذا فلم تأت الحرب العالمية الثانية حتى كانت (الازدواجية الجديدة) هي طابع التعليم العام. ونقول الجديدة لأن الازدواجية القديمة كانت مقتصرة على المدارس الفرنسية التي كانت تعلم اللغتين ولكن بالمنهج الفرنسي مثل المدارس الشرعية الرسمية الثلاث. أما الازدواجية الجديدة فقد كانت تجمع بين التعليم العربي أو الحر في المدارس الإصلاحية بمنهج عربي إسلامي قوي وبين التعليم الفرنسي أو الرسمي في المدارس الأهلية ذات المنهج الفرنسي الاستعماري المعروف.

<<  <  ج: ص:  >  >>