للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهناك فئة أخرى من الجزائريين لم تكن مقتنعة بالتعليم العربي لأنها كانت تجهله أو لا ترى له من فائدة عملية، ولا تربط بينه وبين الوطنية. وكانت تطالب بالتعليم الفرنسي، ونعني بها الفئة الاندماجية التي بدأت تتحرك منذ آخر القرن الماضي. وأصل هذه الفئة يرجع إلى أبناء الموظفين الجزائريين الذين فضلتهم فرنسا على غيرهم عند فتح المدارس خلال الستينات والسبعينات من القرن الماضي. لقد كانوا أصحاب امتيازات مادية وتعليمية باعتبار آبائهم قد خدموا الإدارة الفرنسية في الجيش أو في وظائف القياد والأغوات وغيرها. وكان الفرنسيون يعتبرونهم محظوظين، لأنهم تمتعوا بنعمة التعلم والمنح، ثم توظفوا في الوظائف العسكرية والمدنية المفتوحة (للأندجين) أو الأهالي. وكان تعليم هؤلاء بسيطا في أغلبه. والقليل منهم فقط وصلوا إلى درجة عليا في التعلم. وكان التجنس شائعا في أوساط هؤلاء عادة.

وحتى بعد تحركهم لم يكن يجمعهم رابط واحد سوى في أوائل هذا القرن عندما طرح موضوع التمثيل النيابي ثم فرض التجنيد. إن هذه الفئة التي انقطعت عن ماضيها مدة جيلين تقريبا واندمجت في الوسط الفرنسي وابتعدت عن المجتمع الجزائري الذي كان يسوده الجهل والتخلف، هي التي كانت لا ترى التعليم إلا باللغة الفرنسية. وقد انضم إليهم بين الحربين المتخرجون على يد الآباء البيض وبعض المتخرجين من (القسم الأهلي) في مدرسة النورمال ببوزريعة، ومنهم أصحاب مجلة (صوت المستضعفين) التي ظهرت حوالي ١٩٢٩. ولكن الفئة الاندماجية كانت أقلية، وسرعان ما فقدت تأثيرها بعد انتشار التعليم في الأوساط المحرومة وظهور الوعي الوطني والإصلاحي على يد جمعية العلماء وحزب الشعب. وهكذا بقي الرواج لفكرة الازدواجية الجديدة، مع المطالبة الملحة بترسيم العربية على قدم المساواة مع الفرنسية.

<<  <  ج: ص:  >  >>