للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن أصوات الباكين على المرأة كثيرة، ولكن ما صنع الفرنسيون طيلة أكثر من قرن نحو المرأة البائسة في نظرهم؟ فحالات الولادة العسيرة لم تكن غالبا محل اعتبار عندهم. وكل شيء كان متروكا للطبيعة تقريبا. وكان البعض مثل السيدة بكيرو، قد نبه منذ السبعينات إلى بؤس الحالة عند الولادة. وكانت جهود الفرنسيين منصبة على تدليل الكولون وصرف الميزانية التي تجمع من الضرائب العربية ومن الغرامات الثقيلة المفروضة على الأهالي لصالح الكولون وحدهم. وعشية مغادرته الجزائر أعلن الحاكم العام جول كامبون بأنه شاور بعض أعيان الجزائر لأخذ رأيهم في تخصيص قوابل أوروبيات (فرنسيات) لمساعدة المرأة على الولادة، وأن بعضهم قد وافقه على ذلك. وأعلن أنه قد خصص (بعثات نسائية) لمنطقة الأوراس والقنطرة وسيدي عيسى لهذا الغرض. وهذا لا يعني أن بعض المدن والمناطق الأخرى لم تتوفر لها هذه (البعثات) (١).

إن هناك عدة دراسات قد ظهرت عن المرأة الجزائرية منذ آخر القرن الماضي. ولن نتناول المؤلفات والبحوث التي عالجها الجزائريون هنا، وسنعود إليها عند دراسة الإنتاج في جزء آخر. وحسبنا أن نقول الآن إن التحديات الفرنسية قد أدت بالجزائريين إلى كتابة (ردود) عنها دفاعا عن المرأة المسلمة وعن موقف الشريعة منها، وتوضيحا لموقف الدين والمجتمع، وتبيانا للوجوه الشرعية في الصداق وتعدد الزوجات والبرقع، ونحو ذلك مما كان موضع جدل. وكان بعض الفرنسيين يثيرون ذلك لكي يطعنوا في التقاليد وفي الشرسة ويحكموا على أن الأعراف المنحرفة هي نفسها التعاليم الدينية.

ومن الكتب الفرنسية تأليف أرنست ميرسييه (حالة المرأة المسلمة في


= خطت من منزلة المرأة. انظر كريستلو (المترجمون) في مجلة (المغرب ريفيو) ١٠، ١٩٨٥، ص ١٠٥.
(١) (إفريقية الفرنسية. A.F)، فبراير ١٨٩٧، ص ٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>