وكونهم، عند البعض، غير قابلين للتعلم والتقدم والتمدن. وظهرت عندئذ نظريات تقول إن الجزائريين ليسوا سواء في ذلك، فمنهم من هو قريب من الفرنسيين وله قابلية الاندماج معهم، مثل الزواوة. وقد عاشت هذه النظرية بعض الوقت، ثم بدأت تختفي على أساس أن الدين الإسلامي قد وحد بين الجزائريين، وهو يجعلهم غير قابلين للاندماج، مهما كان أصلهم (١). وكان الرأي الآخر يقول بإمكان دمج الجزائريين بطرق عديدة، ولكن ببطء، وذلك عن طريق المدرسة الفرنسية، وتغيير الحالة المدنية، وإلغاء النظام القبلي، والتنصير إذا اقتضى الأمر، والزواج المختلط، والتجنس، والخدمة العسكرية، والهجرة إلى فرنسا، وغير ذلك من الطرق. ولكن المؤمنين بالرأي الأخير (إمكانية الإدماج) يرون أنه لا يمكن دمج كل الجزائريين بالمراسيم كما حدث في تجنيس اليهود سنة ١٨٧٠، ولا بإعطاء الجزائريين حق الانتخاب العام والتمثيل النيابي، بل لا بد من المرور بفئة قليلة وبالتدرج وهي فئة النخبة المتخرجة من المدرسة الفرنسية والقريبة في تفكيرها ونمط عيشها من الفرنسيين. وهناك رأي ثالث كان يقول بضرورة إبعاد الجزائريين جميعا عن المناطق التي يسكنها الفرنسيون وحصرهم في مناطق معينة في اتجاه الصحراء وفي نوع من المعسكرات أو المحتشدات أو المراكز السكنية حيث يظلون على نمط عيشهم القديم، على هامش الحضارة.
ويمكن القول إن الحديث عن إمكانية (الاندماج) الخاص بالجزائريين قد ظهر منذ ١٨٩١ على إثر زيارة لجنة التحقيق بقيادة جول فيري. فقد لاحظ وجود عناصر جزائرية بدأت تطالب بالحقوق وتؤمن بالتقارب مع الفرنسيين والاندماج في مجتمعهم. وهذه العناصر هي ما اصطلح على تسميته بالنسبة، ونحن نسميهم هنا (بالاندماجيين). وبينما كان أعيان المدن عندئذ يطالبون باحترام العادات والتقاليد الجزائرية، واسترجاع الأحكام للقضاة المسلمين، وتعليم اللغة العربية، وغير ذلك من المطالب التي كانت تهدف إلى الإبقاء