للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفرنسية ليندمجوا من خلالها، كالحزب الاشتراكي والحزب الشيوعي، بل إن بعضهم دخل في الحزب الفاشيستي.

وقد وقفت جمعية العلماء ضد هذا النوع من الاندماج، وكان لموقفها صدى واسع وعواقب كبيرة لصالح الحركة الوطنية. فعندما نفى فرحات عباس وجود أمة جزائرية أجابه ابن باديس بعبارات زعزعت من كانوا يعتقدون أن هذه الأمة قد اندثرت فعلا، وبنوا على ذلك أوهام الاندماج في أمة أخرى. (ثم إن هذه الأمة الجزائرية الإسلامية [كما قال] ليست هي فرنسا ولا يمكن أن تكون فرنسا، ولا تريد أن تصير فرنسا، ولا تستطيع أن تصير فرنسا ولو أرادت، بل هي أمة بعيدة عن فرنسا كل البعد، في لغتها وفي أخلاقها وفي عنصرها وفي دينها، وهي لا تريد أن تندمج) (١). ثم عرضت مجلة (الشهاب) بالتفصيل العوامل التي تجعل دمج الجزائر في فرنسا من المستحيل عمليا. وفي عدد لاحق نشر الشهاب قوله إنه (معتز بخطته، ثابت على مبادئه، وهو يتشرف بأن يكون ممثلا للقومية الإسلامية الجزائرية .. التي لن تفنى ولن تزول .. هي حركة أمة تريد أن تحفظ لنفسها وتصون ذكرى أسلافها وتحتفظ بمميزاتها وتراثها العتيق) (٢).

وفي نفس الاتجاه كتب الشيخ أبو يعلى الزواوي في جريدة البصائر يستنكر الفرنسة والتنصير والتجنس. ورأى أن استعمال الأيتام والصبيان لنشر الفرنسية والتنصير بينهم وتحضيرهم للتجنس سيجعلهم (منبوذين) فلا هم نصارى


(١) العبارة نشرت في الشهاب، إبريل ١٩٣٦ تحت عنوان (كلمة صريحة) ردا على فرحات عباس دون ذكره بالاسم. وقد اختلفت الآراء حول صاحب الكلمة. وكان المعتقد (وهي غير موقعة) أن صاحبها هو الشيخ عبد الحميد بن باديس إلى أن نشر الشيخ أحمد توفيق المدني الجزء الثاني من مذكراته وفيه الكلمة الصريحة على أنها له. وكان الشيخ المدني يحرر في الشهاب بعض الأبواب. وجاء في كتاب محمود قاسم عن ابن باديس (الزعيم الروحي لحرب التحرير الجزائري) ص ١٥٦، أن ابن باديس تحدث عن نفسه بأنه هو الذي كتب الكلمة. وما تزال المسألة بين أخذ ورد. ومهما كان الأمر فقد هاجم الفرنسيون عندئذ ابن باديس من أجلها عدة مرات، ولم ينكرها أو يعدل منها، ولم يتبنها أحد غيره عندئذ.
(٢) البصائر، عدد ١٩، نوفمبر ١٩٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>