للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صدقها وحجمها وأثر الجزائر فيها، فذلك له مجال آخر. وغرضنا هنا هو تسليط الضوء ولفت النظر إلى أنواع الكتابات الفرنسية ذات الطابع الثقافي العام ومدى علاقتها بالواقع الجزائري. وقد عالج الفرنسيون أنفسهم هذا الموضوع بتوسع، وفي مختلف التخصصات: من الفن إلى الإدارة، ومن الشعر إلى التاريخ، ومن العلوم إلى التجارة. ونذكر هنا أن المدارس الفكرية التي ظهرت في فرنسا وأوروبا والتي كان لها صدى في الجزائر كثيرة، وقد أثر كل منها في مجموعة من الكتاب والفنانين، ولكنها قلما أثرت على الجزائريين إلا منذ أوائل هذا القرن. فقد كانت النظريات الاجتماعية والأنثربولوجية والأثنولوجية والدينية تجد صداها في الجزائر عند كتاب مرحلة اليقظة مثل ابن رحال، وابن الخوجة وابن سماية وابن بريهمات وعمر راسم.

يقول شارل تيار الذي عالج موضوع الجزائر في الكتابات الفرنسية، إن كتب الانطباعات كانت أول ما ظهر عن الجزائر. ويعني بذلك الكتب التي تتناول السكان وأنماط حياتهم وملابسهم وعاداتهم وأخلاقهم، والأحياء السكنية، وتناقضات الطبيعة في نظر الكتاب، وفتنة السماء والبحر، واختلاف المناظر (الإفريقية) عن المناظر الأوروبية. وقد راجت بعد ذلك الكتب التي تشرح للسواح طريقة الحياة في الجزائر والطقس ووسائل النقل والإقامة، وهي المعروفة بكتب (الدليل)، فلا أحد يزور الجزائر من الفرنسيين (والأوروبيين) دون أن يحمل في يده (دليلا) يرشده، وقد زار الجزائر بعض كبار الكتاب والأدباء أمثال فرومنتان، وت. غوتتيه، وقونكور، وفلوبير، ودودييه، وفيديو، وبول بورد، وموباسان، وجان لوران، وغيرهم. وبعضهم اتخذ الجزائر مقاما دائما، وبعضهم زارها لسحرها الشرقي ثم عاد مبهورا، وبعضهم جاء على نفقة الحكومة الفرنسية ليكتب بعد ذلك عن مشاهداته ويرغب الناس في الهجرة إليها، مثل الإسكندر دوما، وفيديو، والفنان فيرني، وبعضهم جاء الجزائر للفضول الأدبي والفني، سيما في فترة الحركة الرومانتيكية، أو للعلاج الصحي والنفسي، وأخيرا نذكر أن بعضهم قد جاءها

<<  <  ج: ص:  >  >>