إلى كلية. وقد زار أيضا الصحراء وجبل الأوراس، وزواوة، وعرف الحياة البدوية والعادات التي لا تكاد تظهر إلا لمن دقق النظر وأكثر المعاشرة: الحفلات، والثارات، والأساطير، والألغاز، والأمثال، ونحو ذلك. وهو من الأوائل الذين كتبوا عن قبائل البربر في الأوراس ولباسهم ولهجاتهم وبقايا الآثار والتاريخ هناك. كما اهتم بالحياة الداخلية لسكان زواوة. وكان ينشر مقالاته في (المجلة الإفريقية) وفي (المراسل الإفريقي) وفي مجلة المناقشات (الديبا). ومن أبرز كتبه (ذكريات ورؤى إفريقية) الذي يعتبر من المؤلفات الأدبية الكلاسيكية اليوم في الأدب الفرنسي، وهم يقارنونه بفرومنتان (١). وقد كتب ماسكرى أيضا، عن الأغواط والقصبة والجلفة وعين ماضي وسوف والصحراء عموما.
ومن الموضوعات التي شغلت هؤلاء الكتاب، المرأة والعادات. فقد تحدثوا عن وضع المرأة الاجتماعي، وخلقتها ولباسها وأعمالها وأوقات فراغها، واهتموا بما أسموه بالحياة الريفية من فروسية ومرابطية وصفوف (عداوات). وألف يوجين دوماس كتابا. كاملا عن (المرأة العربية) وآخر عن (الخيول العربية)، وقد جمع وثائقهما أثناء شغله لوظيفة رئيس المكتب العربي المركزي أو إدارة الشؤون الأهلية، في عهد بوجو. كما وصفوا عادات البربر في الجبال، وأشغال المرأة ومنظرها والأعراف السائدة والتطور الاجتماعي، وسجلوا انطباعهم عن الإنسان الحضري والبدوي. وكانوا في البداية معجبين بالإنسان البدوي (المتوحش)، والبربري (الخشن)، لأنهما في نظرهم قابلان للحضارة، وهما النموذجان اللذان يبحث عنهما علماء السلالات وأدباء الرومانتيكية، ثم تحول ذلك الإعجاب وأصبح النظر إليهما على أنهما نموذجان أهليان (أندجين) غير قابلين للتمدن وعدوين للفرنسيين بحكم التعصب الديني. واهتم الكتاب كذلك بالقهوة العربية والملابس والبازارات،
(١) أوغسطين بيرنار، المجلة الإفريقية، ١٨٩٤، ص ٣٥٠. وقد طبع (ذكريات ورؤى إفريقية) مرة أولى ١٨٩٢، وثانية ١٩١٤، وتوجد كلمة بيرنار فى ط. ٢ من الكتاب أيضا.