للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التوازن بين الأوروبيين، ولكنهم سيلعبون ورقتهم كحزب مرجح في الانتخابات في مختلف المستويات، وبذلك يصبحون قوة كبيرة ضاغطة. وكان دور اليهود الاقتصادي في الجزائر وارتباطاتهم بيهود فرنسا وأوروبا عموما قد جعلهم خطرين في هذا الميدان بالنسبة لفرنسي الجزائر. وقد أثبتوا من قبل معرفتهم بالبلاد وبأسواقها وعاداتها ولغتها. ولذلك وقع التململ الشديد ضدهم في الأوساط الفرنسية. ويقول شارل أندري جوليان إن الضغط كان شديدا على حكومة بوردو لإلغاء قرار كريميو حتى أن تيير Thier (رئيس الجمهورية) كان سيتراجع عنه. ولكن حاجته إلى دعم الثري اليهودي، ألفونس دي روتشيلد، صاحب البنوك والأموال، لكي يقدم قرضا تدفعه فرنسا لتحريرها من ألمانيا نتيجة حرب السبعين، هي التي جعلته يتمسك بقرار كريميو. وكان الكثير من فرنسيي الجزائر مستعدين لرؤية اليهود (الإسرائيليين) يتعاطون التجارة والحرف، ولكنهم كانوا ينظرون إليهم بعين السخط بالنسبة للمهن الحرة وبعين التقزز والامتعاض بخصوص التعليم، لأنهم كانوا يعتبرون اليهود سلالة دنيا. أما المجال السياسي، فهو، كما يقول جوليان، مرفوض لليهود نظرا لتأثير المنشآت الدينية (الكونسيستوار) عندهم على الجماهير (١).

وقد حاول البعض أن يربط بين تجنيس اليهود الجماعي وثورة ١٨٧١ ورأوا أن من أسبابها اشمئزاز المسلمين من حكم اليهود، وشعورهم بالنقص مما قلب الأوضاع السياسية التي كانت سائدة. وقد يكون لقرار كريميو دور في الثورة ولكن بوجه آخر، وهو أنه كان يدل على ضعف فرنسا الذي ظهر في الهزيمة نفسها، فالقرار ماهو إلا متابعة للهزيمة العسكرية الفرنسية وسقوط نابليون واحتلال باريس، وتغيير الحكم في الجزائر إلى حكم مدني وتمكين اليهود من رقاب المسلمين. أما الشعور العام لدى المسلمين فهو احتقارهم لليهود لأنهم قد غيروا دينهم (وطورنوا)،


(١) شارل أندري جوليان (إفريقية الشمالية تسير)، ص ٢٩ - ٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>